ومن ذلك قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ) (١) ، العامل فى «اللام» المصدر الذي هو «العلم» ، ونحمله على ضربين :
أحدهما : أن يكون مفعولا له.
والآخر : أن يكون مثل : (رَدِفَ لَكُمْ) (٢).
والمعنى أنه يعلم ما علمناه ، أي : لم ينسه ، ولكن تمسّك به فلم يضيعه.
وقال : (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ) (٣) ، لا يجوز أن يكون «ما» نفيا.
ألا ترى أن من نابذهم أصحاب الكهف وخرجوا عنهم كانوا كفارا ؛ فإذا حملت «ما» على النفي كان عكس المعنى ، فإذا لم يجز أن يكون «ما» نفيا مع القراءة بالياء ، احتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون بمعنى «الذي» ، كأنه : وإذ اعتزلتموهم والذين يعبدونه من دون الله ، وذلك آلهة كانوا اتخذوها.
يدلك على ذلك قوله : (هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) (٤).
ويقوّى ذلك قوله تعالى : (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) (٥) فى قصة إبراهيم ، وكانوا قد اتخذوا أيضا آلهة.
ويجوز أن تكون «ما» مصدرية / على تقدير : وإذ اعتزلتموهم وعبادتهم إلا عبادة الله ، فيكون الاستثناء منقطعا والمضاف محذوفا ، و «ما» منصوب المحل بالعطف على المفعول.
__________________
(١) يوسف : ٦٨.
(٢) النمل : ٧٢.
(٣) الكهف : ١٦.
(٤) الكهف : ١٥.
(٥) مريم : ٤٨.