ألا ترى أن المطاوع من الأفعال على ضربين :
أحدهما : لا يتعدى ، نحو : انشوى ، وانتأى ، فى مطاوع : شويته ، ونأيته.
والاخر : أن يتعدى كما تعدى ما هو مطاوع له ، وذلك نحو : تعلّقته ، وتقطّعته ، ف «تعلقته» يتعدى كما تعدى «علّقته» ، وليس فيه أن ينقص مفعول المطاوع عما كان يتعدى إليه ما هو مطاوع له.
فإذا كان كذلك ، كان «اللام» على الحد الذي ذكرنا.
ويقوّى ذلك قوله تعالى : (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ) (١). فدخلت «اللام» على غير المطاوع فى قوله : (أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما). (٢)
فأما قوله : (مَكانَ الْبَيْتِ) (٣) ، فيحتمل ضربين :
أحدهما : أن يكون ظرفا.
والآخر : أن يكون مفعولا ثانيا.
فأما الظرف : فيدل عليه قول ابن هرمة :
و بوّئت في صميم معشرها |
|
و تمّ في قومها مبوّؤها (٤) |
فكما أن قوله «فى صميم معشرها» ظرف ، كذلك يكون (مَكانَ الْبَيْتِ).
والمفعول الثاني الذي ذكر في قوله تعالى : (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً) (٥) لم يذكره في هذه ، لأن الفعل من باب «أعطيت» ، فيجوز ألّا يذكر ، ويقتصر على الأول.
__________________
(١) الحج : ٢٦.
(٢) يونس : ٨٧.
(٣) يريد : نزلت من الكرم في صميم النسب.
(٤) العنكبوت : ٥٨.