ومن حذف المفعول قوله تعالى : (فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً) (١). تقديره : الذين اتخذوهم قربانا آلهة. «قربان» لفظه مفرد في معنى الجمع ، كما أريد به التثنية في قوله : (إِذْ قَرَّبا قُرْباناً) (٢).
والمعنى : قرّب كل واحد منهما قربانا ، فحذف المضاف. يقوّى ذلك أن «قربانا» جمع أنه قد جمع في قول ابن مقبل :
كانت لساسته تهدى قرابينا (٣)
فلو كان هذا على الظاهر ، لثنّى ، كما جمع «القرابين» فى قول ابن مقبل و «قربان» فى الأصل مصدر ك «غفران» ، فمن أفرد ، حمل على الأصل ، ومن جمع ، اعتبر اللفظ ، لأنه صار اسما ، وخرج عن المصدرية ، كقوله :
لله درّ اليوم من لامها (٤)
ألا ترى أنه قال : هو بمنزلة : لله بلادك.
وأما قوله : (سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ) (٥) ف «من» مبتدأ الاستفهام ، و «يأتيه» الخبر و «يخزيه» صفة العذاب ، و «العلم» معلّق ، مثلها فى : علمت (٦) من في الدار ، (وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ) ، «من» استفهام أيضا ، و «هو كاذب» مبتدأ وخبر ، فى موضع خبر «من».
__________________
(١) الأحقاف : ٢٨.
(٢) المائدة : ٢٧.
(٣) صدره :
من مشرف نيط البلاط به
(جمهرة أشعار العرب ٣٣٢).
(٤) عجز بيت لعمرو بن قميئة ، وصدره :
لما رأت ساتيدما استعبرت
وساتيدما : جبل.
(٥) هود : ٩٣.
(٦) في الأصل : «عملت».