ومن حذف المفعول قوله تعالى : (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ) (١). إن أضمرت المفعول به ، كما أضمر في قوله : (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ) (٢) ، والمعنى : كلما أضاء لهم البرق الطريق مشوا فيه ، جاز ذلك.
وحذف المفعول وإرادته قد كثر عنهم ، فلا يكون (أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ) (٣) على هذا التأويل مرادا ، ولكن يكون مفعولا له ، ويكون المفعول المحذوف كأنه : أنا أريد كفّك عن قتلى وامتناعك منه. ونحو ذا مما يدل عليه قوله تعالى : (ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ) (٤).
ألا ترى أن معنى هذا أنه يريد الكف والامتناع عن مقاتلته ، والتقدير : إنى أريد كفّك عن قتلى كراهة أن تبوء بإثمى وإثمك ، ولأن تبوء بإثمي وإثمك.
وقال : (قَتْلَ أَخِيهِ) (٥) أي : قتله أخاه ، فحذف الفاعل ، وقال : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ) (٦) / المصدر فيه مضاف إلى الفاعل.
والمعنى : أنكم أشركتم الآلهة مع الله ـ سبحانه ـ وكفرتم ، كقوله : (تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ) (٧) فى نحو آي تشبهها.
وقوله : (يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ) (٨) أي : يحبون الأنداد كحب الله ، فحذف على ما تقدم.
__________________
(١) المائدة : ٢٩.
(٢) البقرة : ٢٠.
(٣) المائدة : ٢٨.
(٤) المائدة : ٣٠.
(٥) فاطر : ١٤.
(٦) القصص : ٦٣.
(٧) البقرة : ١٦٥.