وكقوله : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) (١) أي : أن دفع الله الناس ، فأضاف إلى الفاعل ونصب المفعول به.
ومنه قوله تعالى : (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) (٢) أي : من بعد أن غلبهم الفرس (٣) يغلبون الفرس (٤) ، فالمصدر مضاف إلى المفعول وقد حذف الفاعل ، كأن المشركين سرّتهم غلبة الفرس (٥) الروم ، فرجع أبو بكر إلى النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله ـ وأخبره بأنه ذكر للمشركين ذلك ، وأن بينه وبينهم خطرا ، والصدّيق ضرب المدة في ثلاث سنين.
فالنبى ـ صلىاللهعليهوآله ـ أمره أن يرجع إليهم ، ويزيد في الأجل وفى الخطر ، ففعل ذلك.
وقرأها الحسن : (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) (٦) مرتّبا للمفعول به. وقرئ : (غُلِبَتِ الرُّومُ) بفتحتين. مرتّبا للفاعل. وفسّر ابن عمر : غلبت الروم على أدنى ريف الشام. يعنى بالريف : السواد ، فيكون المصدر ـ أعنى «من بعد غلبهم» ـ مضافا إلى الفاعل ، أي : من بعد أن غلبوا على الريف.
وهذه القراءة أيضا مروية عن على وابن عمر وابن عباس ومعاوية عن قرّة.
ومثله : (إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي) (٧).
__________________
(١) البقرة : ٢٥١ ـ الحج : ٤٠.
(٢) الروم : ١ و ٢ و ٣.
(٣) في الأصل : «الفارس».
(٤) ص : ٣٢.