و مهمه هالك من تعرّجا (١)
فكأنه قال : هالك من تعرج فيه ، أي : هالك المتعرج ، «فمن تعرج» ، على هذا التقدير ، فاعل في المعنى ، وعلى تقدير من حمله على «مهلك» أنه حذف مفعوله في المعنى ، بمنزلة : ضارب زيد.
ومن حذف المفعول قوله : (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) (٢) ، أي : يغفر الذنوب ، فى جميع التنزيل.
ومن ذلك قوله تعالى : (لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) (٣).
قال أبو على : يحتمل وجهين :
يجوز أن يكون من النّسيان ، الذي هو خلاف الذّكر ، و «الخطأ» ، من الإخطاء ، الذي ليس التعمّد.
ويجوز أن يكون من «نسينا» ، على : أن تركنا شيئا من اللازم لنا.
ومثله قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ) (٤) أي : ترك عهدنا إليه.
ومنه قوله : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) (٥).
أي : لم يلطف لهم كما يلطف للمؤمنين في تخليصهم أنفسهم من عقاب الله. والتقدير : ولا تكونوا كالذين نسوا أمر الله أو طاعته ، فأنساهم تخليص نفسهم من عذاب الله.
__________________
(١) الشعر للعجاج.
(٢) البقرة : ٢٨٤.
(٣) البقرة : ٢٨٦.
(٤) طه : ١١٥.
(٥) الحشر : ١٩.