نتبين ذلك فى قصة إبراهيم عليهالسلام (وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (١) ويبيّن ذا قول رؤبة :
/ يا دار عفراء ودار البخدن |
|
أما جزاء العالم المستيقن |
فلو لم يكن فى «المستيقن» زيادة معنى ، لم يكن في الوصف الأول ، لم يحسن هذا الكلام ، وكان غير مفيد ، وهذا كقول زهير :
فلأيا عرفت الدّار بعد توهّم (٢)
وقال بعد :
فلما عرفت الدار (٣)
أي : عرفتها بعد إشكال أمرها والتباسها على.
وعلى هذا قول الآخر :
حيّوا الدّيار وحيّوا ساكن الدّار |
|
ما كدت أعرف إلّا بعد إنكار |
وكان معنى : أشهد أيها الحاكم على كذا ، أي : أعلمه علما يحضرنى قد تذلل لى فلا أتوقف عنه ولا أتلبث فيه ، لوضوحه عندى وتبينه لى ؛ وليس كذلك سبيل المعلومات كلها.
ألا ترى أن منها ما يحتاج إلى توقف فيه ؛ واستدلال عليه ، وتذليل له ؛ ويدل على هذا ، وأن الشهادة يراد بها المعنى الزائد على العلم ، أنه لا يخلو من أن يكون العلم مجردا مما ذكرناه ، أو العلم مقترنا بما وصفناه من المعاني ، والذي يدل على أنه المقترن بالمعنى ، الذي ذكرنا.
__________________
(١) الأنعام : ٧٥.
(٢) عجز بيت صدره :
وقفت بها من بعد عشرين حجة
(٣) جزء من بيت ، والبيت كاملا :
فلما عرفت الدار قلت لربعها |
|
ألا أنعم صباحا أيها الربع واسلم |