الثاني في نقل «فعل» إلى «فعل» محذوف ، ولو لم يحذف كان كقوله : (يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ) (١).
وأما قوله تعالى : (وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا) (٢) فيمن قرأ «تلوا» فمعناه والله أعلم: الإقبال عليهم ، والمقاربة لهم في العدل في قسمهم.
ألا ترى أنه قد عودل بالإعراض في قوله تعالى : (أَوْ تُعْرِضُوا) ، فكان قوله : (وَإِنْ تَلْوُوا) ، كقوله : إن أقبلتم عليهم ولم تعرضوا عنهم.
فإن قلت : فهل يجوز أن يكون فى «تلوا» دلالة على المواجهة فتجعل قوله (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ) (٣) منقولا من هذا ثم اقتضى المواجهة ، وتستدل على ذلك بمعادلته : على خلاف ، الذي هو الإعراض.
فالقول إن ذلك في هذه الكلمة ليس بالظاهر ، ولا في الكلمة دلالة على هذه المخصوصة التي جاءت في قوله : (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها) (٤).
وإذا لم يكن عليها دلالة ، لم يصرفها عن الموضع الذي / جاء فيه فلم يتعدها إلى سواها.
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ) (٥) فالضمير فى «عنه» إذا جعلته للرسول احتمل أمرين :
(لا تَوَلَّوْا عَنْهُ) : لا تنفضّوا عنه ، كما قال : (انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً)(٦).
__________________
(١) آل عمران : ١١١.
(٢) النساء : ١٣٥.
(٣) البقرة : ١٤٤.
(٥) الأنفال : ٢٠.
(٦) الجمعة : ١١.