فلا يخلو «أراك» من أن يكون نقلها بالهمزة من التي هى «رأيت» رؤية البصر ، ٧٤ ش / أو «رأيت» التي تتعدى إلى مفعولين ، أو «رأيت» التي بمعنى الرأى ، الذي هو الاعتقاد والمذهب ، فلا يجوز أن تكون من الرؤية التي معناها : أبصرت بعيني ، لأن الحكم في الحوادث بين الناس ليس مما يدرك بالبصر ، فلا يجوز أن يكون هذا القسم ، ولا يجوز أن يكون من «رأيت» التي تتعدى إلى مفعولين ، لأنه كان يلزم بالنقل بالهمزة أن يتعدى إلى ثلاثة مفعولين ، وفي تعدّيه إلى مفعولين ـ أحدهما الكاف التي للخطاب ، والآخر المفعول المقدّر حذفه من الصلة ، تقديره : بما أراكه الله ، ولا مفعول ثالث في الكلام ـ دلالة على أنه من «رأيت» التي معناها الاعتقاد والرأى ، وهي تتعدى إلى مفعول واحد ، وإذا نقل بالهمزة تعدّى إلى مفعولين ، كما جاء في قوله تعالى : (بِما أَراكَ اللهُ) (١).
فإذا جعلت قوله «ذا» من قوله : (ما ذا تَرى) (٢) بمنزلة «الذي» ، صار تقديره. ما الذي تراه؟ فيصير «ما» فى موضع ابتداء ، و «الذي» فى موضع خبره ، ويكون المعنى : ما الذي نذهب إليه فيما ألقيت إليك ، هل تستسلم له وتتلقاه بالقبول ، أو تأتى غير ذلك؟
فهذا وجه قول من قال : «ماذا ترى» بفتح التاء.
وقرئ : «ماذا ترى» بضم التاء وكسر الراء ، فإنه يجوز أن يكون «ما» مع «ذا» بمنزلة اسم واحد ، فيكونا في موضع نصب ، والمعنى : أجلدا ترى على ما تحمل عليه أم خورا؟
ويجوز أن تجعل «ما» مبتدأة و «ذا» بمنزلة أحد ، ويعود إليه الذكر المحذوف ، من الصلة ، والفعل منقول من : رأى زيد الشيء ، وأريته الشيء ؛
__________________
(١) النساء : ١٠٥.
(٢) الصافات : ١٠٢.