وقال الأخفش : المعنى : أو نصفه أو زد عليه قليلا ، لأن العرب قد تكلّم بغير «أو» ، يقولون : أعط زيدا درهما درهمين أو ثلاثة.
وقال المبرد : خطأ لا يجوز ، إنما «نصفه» بدل من «الليل» ، والاستثناء مقدم من «النّصف».
ومن ذلك قوله : (فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) (١). هذا من طرائف العربية ، لأن «هى» ضمير القصة مرفوعة بالابتداء ، و «أبصار الذين كفروا» مبتدأة ، و «شاخصة» خبر مقدم ، وهي خبر أيضا ، والجملة تفسير «هى» ، والعامل فى «إذا» قوله «شاخصة» ، ولو لا أن «إذا» ظرف لم يجز تقديم «ما» فى حيّز «هى» عليها ، لأن التفسير لا يتقدم على المفسّر ، ولكنّ الظرف يلغيه الوهم ، وقد جاء ذلك في الشعر في غير الظرف ، قال الفرزدق :
و ليست خراسان الذي كان خالد |
|
بها أسد إذ كان سيفا أميرها |
والتقدير : الذي كان خالد بها سيفا إذ كان أسدا أميرها. ففى «كان» الثانية / ضمير القصة ؛ وأسد «مبتدأ» ، وأميرها «خبر» ، والجملة تفسير الضمير الذي فى «كان» ، وقدم «الأسد» على «كان» الذي فيه الضمير.
وقالوا : يمدح خالد بن عبد الله القسري (٢) ويهجو أسدا ، وكان أسد وإليها بعد خالد ، قال : وكأنه قال : وليست خراسان بالبلدة التي كان خالد بها سيفا ، إذ كان أسد أميرها. ففصل بين اسم «كان» الأول ، وهو خالد ، وبين خبرها الذي هو «سيفا» بقوله : «بها أسد إذ كان» ، فهذا واحد. وثان أنّه قدم
__________________
(١) الأنبياء : ٩٧.
(٢) الأصل : «خالد بن الوليد» تحريف. وخالد القسري وأخوه أسد ، ممن قال فيهم الفرزدق.