ومن ذلك قوله تعالى : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) (١) ، ثم قال : (ذَواتا أَفْنانٍ) (٢). فقوله «ذواتا» صفة ل «جنتين» ، أي : جنتان ذواتا أفنان. واعترض بينهما بقوله : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٣).
وهكذا الآي كلها التي تتلوها إلى قوله : (وَمِنْ دُونِهِما) (٤) ، كلها صفات لقوله : (جَنَّتانِ) ، والتقدير : وله من دونهما جنتان ، وما بعدها صفات ل «جنتان» المرتفعة بالظرف. وقوله : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٥) اعتراض ، ويكون قوله : (مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ) (٦) حالا من المضمرين في قوله : (وَمِنْ دُونِهِما) (٧) أي : ولهم من دونهما ، كما أن قوله : (مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ) (٨) حال من قوله «ولمن».
والتقديم والتأخير كثير في التنزيل. ومضى قبل هذا الباب الخبر المقدم على المبتدأ في قوله : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٩) ، (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١٠) ، (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) (١١) ، ونحوه كثير.
وأما قوله : (الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) (١٢) ، وقد قرئ بالرفع والنصب :
وجه الرفع فى «سواء» أنه خبر ابتداء مقدّم ، والمعنى : العاكف والبادي فيه سواء ، أي : ليس أحدهما بأحق به من صاحبه ،
__________________
(١) الرحمن : ٤٦.
(٢) الرحمن : ٤٨.
(٣) الرحمن : ٤٧.
(٤) الرحمن : ٦٢.
(٥) الرحمن : ٧٦.
(٦) الرحمن : ٥٤.
(٧) النحل : ٦٣ ، ١٠٤ ، ١١٧.
(٨) البقرة : ٧.
(٩) البقرة : ١٧٩.
(١٠) الحج : ٢٥.