وقوله :
كان جزائى بالعصا أن أجلدا
لم يجعلوه متعلقا ب «جزائى» ، ولكن جعلوه تبيينا للجلد ، وكذلك ما ذكره أبو الحسن.
وأما التقديم والتأخير الذي قدر ، فمثله كثير ، ويجوز أن يكون التقدير : والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون للقول ، و «القول» فى المعنى «المقول» ، كالخلق بمعنى / المخلوق ، ألا ترى أن الذي يعاد هو الجسم ، فلهذا كان الخلق بمعنى المخلوق ، فى قوله : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) (١).
فإن قلت : وكيف وقع «اللام» موقع «إلى» فى قولك : عدت إلى كذا. فإنه لا يمتنع ، ألا ترى أنه قد جاء : (قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ) (٢). على أن «اللام» فى قول من يخالف في هذا التأويل بمعنى «إلى».
ومثله : (فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى) (٣). أي : فاستمع إلى ما يوحى ، لا بد من ذلك ، لا سيما في قراءة الزيات : (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ) ، ويكون التقدير : فاستمع لأنا اخترناك إلى ما يوحى ، ولو لم تحمله على هذا لكان التقدير : فاستمع لأنا اخترناك لما يوحى ، فتعلق اللامين بقوله «فاستمع» ، وقد قال : لا يتعدى فعل بحرفى جر متّفقين.
فإن قلت : ولم لا تحمل «وأنا اخترتك» على «نودى» فى قوله (نُودِيَ يا مُوسى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ ... وَأَنَا اخْتَرْتُكَ) (٤) ، أي نودى بأنى أنا ربك وأنا اخترتك.
__________________
(١) الروم : ٢٧.
(٢) يونس : ٣٥.
(٣) طه : ١١ ـ ١٣.