والدليل على أنه الثاني دون الأول حذفهم اللام الأول في نحو هذا ، ألا ترى أنه لو كان اعتماد القسم عليها دون الثانية لما حذفت ، كما لم تحذف الثانية فى موضع.
فمما جاءت فيه هذه اللام الأولى محذوفة في التنزيل قوله : (وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا / عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ) (١) ، (وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ) (٢).
وفي موضع آخر : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ) (٣) ثم قال : (لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) (٤) فيدلك حذفهم لها على الاعتماد على الثانية لا عليها.
فإن قلت : ما ننكر أن يكون اعتماد القسم في نحو ذا على اللام الأولى دون الثانية ، لأن اللام حذفت كما حذفت من قوله : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) ، (٥) ولا يكون في حذفهم اللام من غير هذا دلالة على أن اعتماد القسم على الفعل الثاني.
قيل : هذا لا يجوز ؛ لأن اللام فى «لقد» إنما استحسن حذفها لطول الكلام بما اعترض بين القسم والمقسم عليه ولم يطل في هذا الموضوع كلام فيستجاز حذفها كما استحسن حذفها هناك ، فإن هذه اللام بمنزلة «إن» فى قولك : والله إن لو فعل لفعلت ، تثبتها تارة وتحذفها أخرى ، واللام الثانية هى المعتمدة ، والأولى زيادة كان سقوطها لا يخل بالكلام ، واختص به القسم ، كقولهم : آثرا ما ، وربما ، وما أشبه ذلك.
وأما قوله : (وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ) (٦) ، والتقدير: ليظلن ، فوضع الماضي موضع المستقبل.
__________________
(١) المائدة : ٧٣.
(٢) الأعراف : ٢٣.
(٣) الأحزاب : ٦٠.
(٤) الشمس : ٩.
(٥) الروم : ٥١.