وأما قوله : (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) فقد قالوا : إن التّقدير : كلوا طيبات المنّ والسّلوى بدل «طيبات
ما رزقناكم» ، وفوّتّموها أنفسكم بجنايتكم التي لأجلها جعلتم تتيهون في الفلوات
أربعين سنة.
يدل على جواز هذا
المعنى أنه قال : (كُلُوا مِنْ
طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) فجمع «الطّيب» ، ثم جعل الطّيبات بعض ما رزقوه ، وهذا يفهم
منه أنهم رزقوا أرزاقا ، منها الطيبات ، ومنها الخبيثات ، فأمروا بأكل الطيبات
منها دون الخبيثات.
وليس هناك كل هذا
، وإنما هناك المنّ والسّلوى فقط ، لم يكن لهم طعام غيرهما ، ولأنهم اشتاقوا من
المن والسلوى إلى البقل والقثّاء ، فأى استطابة لهما مع ذا؟
فثبت : أنه مغنى
من «طيبات» ، أي بدلها ، لا من هذه الطيبات.
ومن ذلك قوله
تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ
اسْمُ اللهِ) ، (فَكُلُوا مِمَّا
غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً) ، (كُلُوا مِنْ
طَيِّباتِ / ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا) ، ٧١ ى (وَلا تَأْكُلُوا
مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) .
هذا كله على مذهب
سيبويه ، المفعول محذوف. وعلى مذهب الأخفش «من» زيادة.
__________________