قال : وقال بعضهم : ينزّل من السماء من جبال فيها من برد. أي : فى السماء جبال من برد. يريد به أن يجعل الجبال من برد فى السماء ، ويجعل الإنزال منها.
قال أبو على : قلت أنا فى هذه الآية ، قبل أن أعرف هذا القول لأبى الحسن : إن قوله : (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ) (١).
المعنى : وينزل من السماء جبالا فيها من برد. فموضع «من» الأولى نصب ، على أنه ظرف ، والثانية : نصب على أنه فى موضع المفعول. و «فيها» صفة ل «جبال» ، و «من» الثالثة للتبيين ، كأنه بيّن من أي شىء هذا المكثّر ، كما تقول : عندى جبال من المال ، فيكثّر ما عنده منه ، ثم تبيّن المكثّر بقولك : من المال.
ويحتمل أن يكون موضع «من» من قوله «من جبال» نصبا على الظرف على أنه منزّل منه. ويكون «من برد» نصبا ، أي : وينزل من السماء من جبال فيها بردا (٢). ويكون «الجبال» على هذا التأويل ، تعظيما لما ينزّل من البرد من السحاب.
ويحتمل أن يكون موضع «من» فى قوله : «من برد» رفعا ، وموضع «من» من قوله «من جبال» نصبا على أنه مفعول به ، كأنه فى التقدير :
__________________
(١) النور : ٤٣.
(٢) ساق هذا الرأي أبو حيان في كتابه (البحر المحيط) (٦ : ٤٦٤) نقلا عن الزجاج.