فإن قيل : ما تنكر أن يكون ارتفاع الاسم في نحو قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) (١) مرتفع في الحقيقة ب «استقر» لا ب «لكم»؟.
فالجواب : أن المعروف المشهور من قول الأخفش في نحو قوله تعالى : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) (٢) أنه مرتفع بالظرف.
والمعلوم من قول سيبويه والأخفش وغيرهما (٣) ، أنهم إذا قالوا : زيد فى الدار ؛ فالضمير في الظرف لا في الفعل المحذوف ، لأن ذلك مطّرح مختزل.
والدليل على أن قولهم : زيد في الدار ، فى الظرف ضمير ، والظرف هو العامل في ذلك الضمير ، امتناع تقديم الحال عليه ، فى قولك : زيد قائما فى الدار ، لأن العامل غير متصرف ، وهو الظرف دون الفعل ولا عبرة بالفعل ، لأنه لا يجوز : قائما في الدار زيد ، كما يجوز : قائما استقر زيد ، فعلم أنه لا عبرة بالفعل ؛ ولأنه قال : (إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ) (٤) ، و (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً) (٥) ، و (لَهُمُ الْحُسْنى) (٦) ، فأدخل «إن» على الظرف ، وهي لا تلى الفعل ، فثبت أنه لا عبرة بالفعل.
__________________
(١) البقرة : ١٧٩.
(٢) يونس : ٦٤.
(٣) في الأصل : «وغيرهم».
(٤) المائدة : ٢٢.
(٥) النور : ٤٤.
(٦) النحل : ٦٢.