وسياسية معينة ؛
يهدف إلى تحطيم قاعدة الأديان السماوية والوحي الإلهي والرسالات من عند الله
وإثبات أن الأديان من صنع البشر ، وأنها من ثم تطورت بتطور الفكر البشري على مدار
الزمان. وينزلق بعض من يكتبون عن الإسلام مدافعين ، فيتابعون تلك النظريات التي
يقررها الباحثون في تاريخ الأديان ـ وفق ذلك المنهج الموجه ـ من حيث لا يشعرون.
وبينما هم يدافعون عن الإسلام متحمسين يحطمون أصل الاعتقاد الإسلامي الذي يقرره
القرآن الكريم في وضوح حاسم. حين يقرر أن آدم ـ عليهالسلام ـ هبط إلى الأرض بعقيدة الإسلام. وأن نوحا ـ عليهالسلام ـ واجه ذراري آدم الذين اجتالهم الشيطان عن الإسلام إلى
الجاهلية الوثنية بذلك الإسلام نفسه القائم على التوحيد المطلق. وأن الدورة تجددت
بعد نوح فخرج الناس من الإسلام إلى الجاهلية ، وأن الرسل جميعا أرسلوا بعد ذلك
بالإسلام. القائم على التوحيد المطلق وأنه لم يكن قط تطور في العقيدة السماوية في
أصل الاعتقاد ـ إنما كان الترقي والتركيب والتوسع في الشرائع المصاحبة للعقيدة
الواحدة. وأن ملاحظة ذلك التطور في العقائد الجاهلية لا يدل على أن الناس صاروا
إلى التوحيد بناء على تطور في أصل العقيدة. إنما يدل على أن عقيدة التوحيد على يد
كل رسول كانت تترك رواسب في الأجيال التالية ـ حتى بعد انحراف الأجيال عنها ـ ترقى
عقائدهم الجاهلية ذاتها ؛ حتى تصير أقرب إلى أصل التوحيد الرباني. أما عقيدة
التوحيد في أصلها فهي أقدم في تاريخ البشرية من العقائد الوثنية جميعا. وقد وجدت
هكذا كاملة منذ وجدت ، لأنها ليست نابعة من أفكار البشر ومعلوماتها المترقية ؛
إنما هي آتية لهم من عند الله سبحانه. فهي حق منذ اللحظة الأولى ، وهي كاملة منذ
اللحظة الأولى.
هذا ما يقرره
القرآن الكريم ، ويقوم عليه التصور الإسلامي. فلا مجال إذن لباحث مسلم ـ وبخاصة
إذا كان يدافع عن الإسلام ـ أن يعدل عن هذا الذي يقرره القرآن الكريم في وضوح حاسم
، إلى شىء مما تخبط فيه نظريات علم الأديان المقارنة. تلك النظريات النابعة من
منهج موجه كما أسلفنا.
ومع أننا هنا ـ في
ظلال القرآن ـ لا نناقش الأخطاء والمزالق في الكتابات التي تكتب عن الإسلام إذ أن
مجال هذه المناقشة بحث آخر مستقل. ولكننا نلم بنموذج واحد نعرضه في مواجهة المنهج
القرآني والتقريرات القرآنية في هذه القصة.
كتب الأستاذ
العقاد في كتابه (الله) في فصل أصل العقيدة :