تحرجا ، وأقبلوا من البادية كلهم حتى دخلوا على النبي صلىاللهعليهوسلم فنزلت هذه الآية (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ) الخ أي : لو لا خرج بعض وقعد بعض يبتغون الخير ليتفقهوا في الدين ، وليسمعوا ما أنزل ، ولينذروا الناس إذا رجعوا إليهم. واستدل بذلك على أن التفقه في الدين من فروض الكفاية. وذكر بعضهم أن في الآية دلالة على أن خبر الآحاد حجة ، لأن عموم كل فرقة يقتضي : أن ينفر من كل ثلاثة تفردوا بقرية طائفة إلى التفقه لتنذر قومها كي يتذكروا ويحذروا. فلو لم تعتبر الأخبار ما لم تتوافر لم يفد ذلك ، وقرر بعضهم وجه الدلالة بأمرين : الأول أنه تعالى أمر الطائفة بالإنذار ، وهو يقتضي فعل المأمور به ، وإلا لم يكن إنذارا. والثاني أمره سبحانه القوم بالحذر عند الإنذار ، لأن معنى قوله تعالى : (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) ليحذروا ، وذلك أيضا يتضمن لزوم العمل بخبر الواحد ، وهذه الدلالة قائمة على أي تفسير شئت من التفسيرين .....) اه. كلام الألوسي.
كلمة في السياق :
بالمقطع الثالث من القسم الثاني ينتهي القسم ، بعد أن تحدث عن كل ماله علاقة بالنفير ، وبهذا تكون سورة التوبة قد حدثتنا عن وجوب قتال المشركين ، وأهل الكتاب ، والكفار عامة ، والمنافقين إذا أظهروا نفاقهم. كما حدثتنا عن وجوب نوعين من النفير يحتاجهما بقاء الإسلام : النفير للقتال ، والنفير لطلب العلم ، وحدثتنا عن موقف الناس من النفير ، وعرفتنا على المنافقين ، وما ذا يفعلون لخلخلة الصف ، وتوهين المسلمين ، والهروب من الجهاد ، إلى غير ذلك. وعرفتنا على من هم مظنة للجهاد والقتال ، وحضت وحرضت حتى لتكاد تكون منشور القتال لأهل الإسلام.
وبانتهاء هذا القسم ، لا يبقى معنا إلا القسم الأخير ، الذي هو بمثابة خاتمة السورة ، ويتألف من سبع أيات ، ويبدأ بآية تحدد استراتيجية الحركة الجهادية في الإسلام.