صفرا عاما ، ويحرم المحرم عاما. فذلك قول الله تبارك وتعالى (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) يقول : يتركون المحرم عاما ، وعاما يحرمونه.
ـ وقال محمد بن إسحاق : (كان أول من نسأ الشهور على العرب فأحل منها ما حرم الله ، وحرم منها ما أحل الله ـ عزوجل ـ ، القلمس وهو : حذيفة بن عبد فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن عدنان ، ثم قام بعده على ذلك ابنه عباد ، ثم من بعد عباد ابنه قلع بن عباد ، ثم ابنه أمية بن قلع ، ثم ابنة عوف بن أمية ، ثم ابنه أبو ثمامة جنادة بن عوف ، وكان آخرهم ، وعليه قام الإسلام ، فكانت العرب إذا ما فرغت من حجها ، اجتمعت إليه فقام فيهم خطيبا ، فحرم رجبا ، وذا القعدة ، وذا الحجة ، ويحل المحرم عاما ، ويجعل مكانه صفر ، ويحرمه عاما ليواطىء عدة ما حرم الله فيحل ما حرم الله. يعني : ويحرم ما أحل الله).
كلمة في السياق :
رأينا أن سورة براءة امتداد لسورة الأنفال ، وأن محور السورتين واحد ، هو آية فريضة القتال في سورة البقرة ، والآيتان بعدها ، وقد رأينا أن هذا القسم قد فصل في موضوع القتال ، بإيجاب قتال المشركين ، وأهل الكتاب ، كما وضعنا على الطريق لتنفيذ فريضة القتال ، فإذا ما استقر في هذا القسم أن فريضة القتال تقتضي قتال العالم كله في مداها الواسع ، وكان هذا يقتضي تعبئة ، فإن القسم الثاني في هذه السورة يبتدىء بالأمر بوجوب الاستجابة لصوت النفير العام. وهكذا يأتي القسم الثاني :