وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (٤٢) إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلكِنَّ اللهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٤٣) وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤٤))
المعنى العام :
انتهى القسم الأول من هذه السورة بوعد للمؤمنين أنهم إذا اتقوا الله فإن الله سيجعل لهم مخرجا ونجاة ونصرا ، وفصلا بين الحق والباطل ، ونورا يدرك به الحق من الباطل ، ويأتي هذا المقطع ، ويتألف من ثلاث مجموعات ويرتبط بالآية السابقة عليه مباشرة ، وينتظم المجموعات الثلاث في سياقها الكلي أنها في موضوع الصراع مع الكفر وأهله ، وفي موضوع القتال وضرورته ، وأسبابه ومبرراته ، وآثاره وفضل الله على المؤمنين فيه.
تتحدث المجموعة الأولى : عن كيد الكافرين لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وحضيض الكيد الذي وصلوا إليه ، وسخافة الكبر الذي عاملوا به دعوته ، من وصفهم دعوة رسول الله والقرآن الذي أنزل عليه بأنه خرافات ، ومن ذلك طلبهم عذاب الله إذا كان ما عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم حقا ، وهذا غاية الكفر والكبر ، وتتحدث عن طرقهم الفاسدة في العبادة ، والطواف ، وكما تتحدث عما خططوا له من سجن لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أو قتل أو إخراج ، فأنجى الله رسوله صلىاللهعليهوسلم من هذا كله. وقتلهم يوم بدر. فهذه أمهات المعاني في المجموعة الأولي ، وهي تصب في النهاية في مصب السياق العام للسورة ، من أن الكافرين يستحقون أن يعذبوا وأن يقتلوا ،
والمجموعة الثانية : تحدثنا عن إنفاق الكافرين الأموال ليصدوا عن سبيل الله ، وكيف أن هذا الإنفاق ليس وراءه إلا إتلاف المال والهزيمة ، والعذاب يوم القيامة. وهذا كذلك من فعل الله للمتقين أن يجعل لهم فرقانا ، وفيه مبرر من مبررات القتال.