ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ (١٤))
فائدة : هناك خلاف حول الكاف في قوله تعالى (كَما أَخْرَجَكَ) ونقدم بين يدي المعني العام نقلين عن الألوسي في هذه الكاف كمقدمة للدخول إلى معاني المقطع.
قال الألوسي : (والكاف يستدعي مشبها وهو غير مصرح به في الآية وفيه خفاء ، ومن هنا اختلفوا في بيانه ، وكذا في إعرابه على وجوه ، فاختار بعضهم أنه خبر مبتدأ محذوف هو المشبه ، أي حالهم هذه في كراهة ما وقع في أمر الأنفال كحال إخراجك من بيتك في كراهتهم له ، وإلى هذا يشير كلام الفراء حيث قال : الكاف شبهت هذه القصة التي هي إخراجه صلىاللهعليهوسلم من بيته بالقصة المتقدمة التي هي سؤالهم عن الأنفال وكراهتهم لما وقع فيها مع أنه أولى بحالهم ، أو أنه صفة مصدر الفعل المقدر في «لله والرسول» أي الأنفال ثبتت لله تعالى وللرسول عليه الصلاة والسلام مع كراهتهم ثباتا كثبات إخراجك وضعف هذا ابن الشجري».
«وقال أبو حيان : خطر لي في المنام أن هنا محذوفا وهو نصرك ، والكاف فيها معنى التعليل أي لأجل أن خرجت لإعزاز دين الله تعالى نصرك وأمدك بالملائكة ، ودل على هذا المحذوف قوله سبحانه بعد : (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ) الآيات ولو قيل : إن هذا مرتبط بقوله سبحانه (رِزْقٌ كَرِيمٌ) على معنى رزق حسن كحسن إخراجك من بيتك لم يكن بأبعد من كثير من هذه الوجوه).
المعنى العام :
يذكر الله عزوجل في هذا المقطع نموذجا لكيفية كون القتال فيه الخير للمسلمين ، وإن كانت الأنفس في الأصل تكره القتال ، هذا النموذج هو ما حدث يوم بدر ؛ إذكره بعض المسلمين الخروج لقتال الأعداء أصحاب الشوكة وهم النفير الذين خرجوا لنصرة الكفر وإحراز عيرهم ، فكان أن قدر الله القتال ، وجمع به بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد ، فكان عاقبة ذلك رشدا وهدى ، ونصرا وفتحا ، وآثارا قريبة لصالح الإسلام والمسلمين ، وآثارا بعيدة فيها صالح الإسلام والمسلمين ، وذلك أن المسلمين بعد بدر كانت بدر هي قدوتهم ، وهي التي تجرؤهم على القتال ، وإن قل العدد وقلت العدد.