طوبى له عصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء ولم يدركه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «أو غير ذلك يا عائشة. إن الله خلق الجنة وخلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم ، وخلق النار وخلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم». وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود : «ثم يبعث الله إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد». وتقدم أن الله لما استخرج ذرية آدم من صلبه وجعلهم فريقين أصحاب اليمين وأصحاب الشمال قال : «هؤلاء للجنة ولا أبالي ، وهؤلاء للنار ولا أبالي». والأحاديث في هذا كثيرة ومسألة القدر كبيرة ليس هذا موضع بسطها.
أقول : إن قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) الآية التي بعد الآية السابقة هي التي تبين الحكمة من الآية السابقة عليها وذلك أن مظاهر الكون بما فيه هي التي تدل على أسماء الله الحسنى ، وأسماؤه تدل على صفاته ثم على ذاته ، وكون الكون فيه ذنب وفيه خطيئة وفيه كفر وفيه وفيه. فإنه بذلك تعرف أسماء الله ، ويعرف الله ، فمن أين يعرف أن الله صبور لو لا كفر الكافرين؟ ومن أين يعلم أنه غفور لو لا توبة التائبين؟ وهكذا فخلق الخلق على ما هم عليه ، به نتعرف على ذاته حق المعرفة ومن عرف الله حق المعرفة عبده حق العبادة على أن وجود الكفر والذنب من الخلق باختيارهم وكون الله أراده وأبرزه بقدرته ، فليس ذلك ظلما لهم ينفي اختيارهم بل إنه علم ما هم فاعلون فأراده فأبرزه.
٢ ـ وبمناسبة قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) ننقل ما يلي :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن لله تسعة وتسعين اسما. مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة وهو وتر يحب الوتر» أخرجاه في الصحيحين وأخرجه الترمذي في جامعه. وزاد بعد قوله : «يحب الوتر : هو الله الذي لا إله إلا هو ، الرحمن ، الرحيم ، الملك ، القدوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، الخالق ، البارئ ، المصور ، الغفار ، القهار ، الوهاب ، الرزاق ، الفتاح العليم ، القابض ، الباسط ، الخافض ، الرافع ، المعز ، المذل ، السميع ، البصير ، الحكم ، العدل ، اللطيف ، الخبير ، العليم ، العظيم ، الغفور ، الشكور ، العلي ، الكبير ، الحفيظ ، المقيت ، الحسيب ، الجليل ، الكريم ، الرقيب ، المجيب ، الواسع ، الحكيم ، الودود ، المجيد ، الباعث ، الشهيد ، الحق ،