الحرائر أو العفائف ، قال النّسفي : وليس هذا بشرط لصحّة النّكاح بل هو للاستحباب لأنّه يصحّ نكاح الإماء من المسلمات : ونكاح غير العفائف ، وتخصيصهن بعث على تخيّر المؤمنين لنطفهم (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) المحصنات هنا هنّ : الحرائر يهوديات أو نصرانيات ، أو العفائف ، فهنّ حلّ للمسلمين ، وخالف في النّصرانيات بعضهم ولكنّ جماعة من الصحابة تزوجوا بنصرانيات ولم يروا بذلك بأسا. (إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ). أي : إذا أعطيتموهنّ مهورهنّ ، دلّ ذلك على أنّ المهر حقّ للزوجة مسلمة أو غير مسلمة ، وعلى هذا يحرم أخذ مهر من المرأة ، كما يفعله بعض الغربيين ، ويجب العكس وهو دفع المهر للمرأة. (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ). أي : متزوجين غير زانين. (وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ). الخدن هنا : الصديق والعشيق ويقع على الذكر والأنثى. فالزّواج هو المباح والعلاقّة الزّوجية هي المباحة. (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ). أي : ومن يكفر بشرائع الإسلام وما أحلّ الله وما حرّم فقد بطل عمله. (وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) إذ خسر الجنة ونال بدلها الخلود الأبدي في النار ، وأي خسارة أكبر من ذلك.
فوائد :
١ ـ ثبت في الصحيح عن عبد الله بن مغفّل قال : «أدلي بجراب من شحم يوم خيبر فحضنته وقلت لا أعطي اليوم من هذا أحدا ، والتفتّ فإذا النّبي صلىاللهعليهوسلم يبتسم» استدلّ به الفقهاء على أنّه يجوز تناول ما يحتاج إليه من الأطعمة ونحوها من الغنيمة قبل القسمة وهذا ظاهر. واستدلّ به الحنفية والشافعية على أصحاب مالك في منعهم أكل ما يعتقد اليهود تحريمه من ذبائحهم كالشحوم ونحوها ممّا حرّم عليهم.
٢ ـ أخرج ابن أبي حاتم عن مكحول. قال : أنزل الله (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) ثم نسخه الربّ ـ عزوجل ـ ورحم المسلمين فقال (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ) فنسخها بذلك وأحلّ طعام أهل الكتاب وهذا يعني أن مكحولا لا يرى ما يراه بقية الفقهاء من اشتراط ذكر اسم الله لحلّ ذبيحة أهل الكتاب.
٣ ـ واضح من الآية الآنفة الذكر أن طعام غير اليهود والنصارى لا يجوز ، سواء كانوا ملحدين ، أو صابئة ، أو مجوسا ، أو مرتدين.