النعم فكما مرّ (يَحْكُمُ بِهِ). أي : بمثل ما قتل (ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ). أي : حكمان عادلان من المسلمين (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) معنى بلوغه الكعبة أن يذبح بالحرم إن كان هديا من النّعم ، وأما في حالة القيمة فعند الشافعي كذلك أنّ التصدّق ينبغي أن يكون في الحرم ، وعند الحنفية فحيث شاء الإنسان (أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ) التقدير فجزاء ، أو كفارة من طعام مساكين (أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً) العدل ما عادل الشىء من غير جنسه ، كالصوم والإطعام ، والإشارة في ذلك إلى الطعام ، يصوم عن إطعام كل مسكين يوما. ومذهب الحنفية قائم على التخيير بين الهدي والإطعام والصيام ، والخيار في ذلك إلى القاتل عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وعند محمد رحمهالله إلى الحكمين (لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ). أي : فعليه الجزاء بأن يكفّر أو يصوم ليذوق سوء عاقبة هتكه لحرمة الإحرام ، والوبال المكروه ، والضّرر الذي ينال في العاقبة من عمل سوء لثقله عليه (عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ). أي : عمّا كان منكم من الصيد قبل التحريم (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ). أي : ومن عاد إلى قتل الصيد بعد التحريم ، أو في ذلك الإحرام فإنّ الله هو ينتقم منه (وَاللهُ عَزِيزٌ) يلزم من شاء ما شاء (ذُو انْتِقامٍ) ممن جاوز حدود الإسلام (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ). أي : كل مصيدات البحر ، أي كل دوابه ، والحنفية لا يحلون للأكل من دواب البحر إلا السمك كبيرا أو صغيرا. ومع ذلك فقد أحلوا للمحرم صيد البحر مما يؤكل ومما لا يؤكل (وَطَعامُهُ) قال النسفي : وما يطعم من صيده والمعنى أحل لكم الانتفاع بجميع ما يصاد في البحر ، وأحل لكم أكل المأكولات منه وهو السمك هذا مذهب الحنفية وأما غيرهم فقد فسر الآية بأن صيده ما أخذ منه حيا. وطعامه : ما لفظه ميتا (مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ). أي : منفعة لكم وقوتا أيها المخاطبون ولكل مسافر ، أو أحل لكم تمتيعا لمقيمكم يأكله طريا ولمسافركم يتزوده قديدا (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً). أي : ما دمتم محرمين ، وصيد البر أي ما صيد فيه : وهو ما يفرخ فيه وإن كان يعيش في الماء في بعض الأوقات كالبط فإنه بري لأنه يتولد في البر ، والبحر له مرعى كما للناس متجر (وَاتَّقُوا اللهَ) أن تصطادوا في الحرم أو في الإحرام (الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ). أي : تبعثون فيجزيكم على أعمالكم (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ). أي : صيّر أو خلق الله الكعبة والبيت الحرام انتعاشا للناس في أمر دينهم ، ونهوضا إلى أغراضهم في معاشهم ومعادهم ، لما يتمّ من أمر حجهم وعمرتهم وأنواع منافعهم ، فاقتضى ذلك أحكاما خاصة من أمثال ما مر ، وكذلك (وَالشَّهْرَ الْحَرامَ). أي :