فصل في فضلى النساء بإطلاق :
لا خلاف في أن مريم أفضل نساء زمانها لقوله تعالى (وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ) ولكن الخلاف ، هل هي فضلى نساء العالمين في سائر العصور؟ بعضهم ذهب إلى ذلك ، وبعضهم قال : بل أفضل منها : فاطمة الزهراء رضي الله عنها.
ويقول الألوسي بعد كلام طويل : «وبعد هذا كله الذي يدور في خلدي أن أفضل النساء فاطمة ، ثم أمها ، ثم عائشة بل لو قال قائل : إن سائر بنات النبي صلىاللهعليهوسلم أفضل من عائشة لا أرى عليه بأسا ، وعندي بين مريم وفاطمة توقف ، نظرا للأفضلية المطلقة ، وأما بالنظر إلى الحيثية فقد علمت ما أميل إليه ، وقد سئل الإمام السبكي عن هذه المسألة فقال : الذي نختاره وندين الله تعالى به أن فاطمة بنت محمد صلىاللهعليهوسلم أفضل ، ثم أمها ، ثم عائشة ـ ووافقه في ذلك البلقيني ـ.
فصل في ردود على أفكار خاطئة :
ـ ذهب بعضهم إلى أن قول أم مريم (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى) بأن مقصودها : إن الأنثى التي أعطيتني إياها خير لي من الذكر الذي رغبت فيه ، وقد رد الألوسي على هؤلاء ردا طويلا فليراجع.
ـ كما رد الألوسي ردا مطولا على من استدل من الشيعة بالنصوص الواردة بشأن المباهلة ، على أن ذلك نص في قضية الإمامة والخلافة ، أما أنها تدلل على فضل آل بيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذلك لا شك فيه.
نقول :
ـ «بمناسبة قوله تعالى (يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ) يقول صاحب الظلال : «وهنا تظهر عظمة هذا الدين ، ويتبين مصدره عن يقين. فها هوذا محمد صلىاللهعليهوسلم رسول الإسلام الذي يلقى من أهل الكتاب ـ ومنهم النصارى ـ ما يلقى من التكذيب ، والعنت والجدل ، والشبهات .. ها هوذا يحدث عن ربه بحقيقة مريم العظيمة وتفضيلها على «نساء العالمين» بهذا الإطلاق الذي يرفعها إلى أعلى الآفاق. وهو في مناظرة مع القوم الذين يعتزون بمريم ، ويتخذون من تعظيمها مبررا لعدم إيمانهم بمحمد صلىاللهعليهوسلم وبالدين الجديد!.
أي صدق؟ وأية عظمة؟ وأية دلالة على مصدر هذا الدين ، وصدق صاحبه الأمين!».