نجران إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يريدان أن يلاعناه قال : فقال أحدهما لصاحبه : لا تفعل فو الله لئن كان نبيا فلا عناه ، لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا ، قالا : إنا نعطيك ما سألتنا وابعث معنا رجلا أمينا ، ولا تبعث معنا إلا أمينا فقال : لأبعثن معكم رجلا أمينا حق أمين. فاستشرف لها أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : قم يا أبا عبيدة بن الجراح ، فلما قام قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هذا أمين هذه الأمة».
ب ـ وروى الحاكم قال : قدم على النبي صلىاللهعليهوسلم العاقب والطيب ، فدعاهما إلى الملاعنة ، فواعداه على أن يلاعناه الغداة. قال : فغدا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخذ بيد علي ، وفاطمة ، والحسن والحسين ، ثم أرسل إليهما ، فأبيا أن يجيبا ، وأقرا له بالخراج ، قال : فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «والذي بعثني بالحق لو قالا : لا لأمطر عليهم الوادي نارا. قال جابر : وفيهم نزلت (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ.) قال جابر : (أَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وعلي بن أبي طالب و (أَبْناءَنا) الحسن والحسين ، (وَنِساءَنا) فاطمة».
ج ـ روى الإمام أحمد والبخاري وغيرهما عن ابن عباس قال : قال أبو جهل ـ قبحه الله ـ : إن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لآتينه حتى أطأ عنقه قال : «فقال لو فعل لأخذته الملائكة عيانا ، ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ولرأوا مقاعدهم من النار ، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلىاللهعليهوسلم لرجعوا لا يجدون مالا ولا أهلا».
كلمة في السياق :
مر معنا القسم الثاني بمدخله ، وفقراته الثلاث ، ومن قبل مر معنا القسم الأول من سورة آل عمران بمقطعيه ، وقلنا إن القسم الأول والثاني هما مدخل لفتح حوار شامل مع أهل الكتاب ، وذلك مضمون القسم الثالث ، وقلنا : إن سورة آل عمران تفصل في مقدمة سورة البقرة ، وامتدادات معانيها. والآن نسجل ملاحظة :
جاءت آية الكرسي في سورة البقرة بعد آية الإنفاق ، وجاءت الآيتان بعد قوله تعالى : (تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ* تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) وكان للتسلسل على هذه الشاكلة في سورة البقرة حكمته.