أن ذلك باطل ، فدعواه في عيسى أشد بطلانا ، وأظهر فسادا. ولكن الرب جل جلاله أراد أن يظهر قدرته لخلقه حين خلق آدم لا من ذكر ولا من أنثى ، وخلق حواء من ذكر بلا أنثى ، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر ، كما خلق بقية البرية من ذكر وأنثى. ثم بين الله ـ عزوجل ـ أن هذا هو القول الحق في عيسى الذي لا محيد عنه ، ولا صحيح سواه وماذا بعد الحق إلا الضلال.
ثم أمر الله رسوله صلىاللهعليهوسلم. أن يباهل من عاند الحق في أمر عيسى بعد ظهور البيان. أي أن يتلاعن مع من يدعي غير هذا في شأن عيسى ، فيدعو كل على الكاذب في شأن عيسى أن تنزل به لعنة الله.
ثم أكد الله ـ عزوجل ـ أن ما قصه علينا في شأن عيسى هو الحق الذي لا معدل عنه ، ولا محيد ، وأن الله متصف بالوحدانية وأنه العزيز الحكيم.
ثم بين أن الذي يتولى عن هذا إلى غيره. هو المفسد ، والله عليم به ، وسيجزيه على ذلك شر الجزاء وهو القادر الذي لا يفوته شىء.
المعنى الحرفي :
(إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ) أي : إن شأن عيسى وحاله الغريبة في قدرة الله ، كشأن آدم عليهالسلام (خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ) أي : قدره جسدا من طين (ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ،) أي : ثم أراده بشرا فكان. شبه عيسى بآدم مع أن وجود آدم بلا أب وأم أغرب وأكثر خرقا للعادة فشبه الغريب بالأغرب ؛ ليكون أقطع للخصم ، وأحسم لمادة شبهته إذا نظر فيما هو أغرب مما استغربه.
(الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) أي : هذا هو القول الحق من الله أيها السامع ، أو أيها الرسول ، (فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) أي : من الشاكين. والنهي هنا من باب التهييج لزيادة الثبات ، لأن الخطاب إن كان لرسول الله ، فإنه معصوم عليهالسلام من الامتراء ، أو أن الخطاب هنا للأمة من خلال شخصه عليهالسلام. (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ) ، أي : فمن جادلك من النصارى في شأن عيسى ، (مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) أي : من بعد ما جاءك من البينات الموجبة للعلم ، (فَقُلْ تَعالَوْا) أي