شهادته بإسلامهم تأكيدا لإيمانهم ؛ لأن الرسل يشهدون يوم القيامة لقومهم ، وعليهم. والملاحظ أنهم أعلنوا الإيمان ، وطلبوا الشهادة على الإسلام ، فدل على أن الإيمان الكامل ، والإسلام الكامل شىء واحد. وبعد أن قالوا هذا لعيسى ، قالوا لله مقرين وداعين (رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ) أي بالإنجيل وما قبله (وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ) أي عيسى (فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) أي : مع الأنبياء الذين يشهدون لأممهم ، أو مع الذين يشهدون لك بالوحدانية ، أو مع أمة محمد صلىاللهعليهوسلم الذي بشر به عيسى فعرفوا منه أنهم (أي أمة محمد) شهداء الله على الناس ، فطلبوا أن يشاركوهم في هذا الشرف. والتفسير الأخير مروي بسند جيد عن ابن عباس.
(وَمَكَرُوا) أي : كفار بني إسرائيل الذين أحس عيسى منهم الكفر حتى أرادوا قتله وصلبه (وَمَكَرَ اللهُ) أي : جازاهم على مكرهم ؛ بأن رفع عيسى إلى السماء ، وألقى شبهه على من أراد اغتياله حتى قتل. ولا يجوز إضافة المكر إلى الله تعالى إلا على معنى الجزاء ، لأنه مذموم عند الخلق ، وعلى هذا الخداع والاستهزاء (وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) أي : أقوى المجازين ، وأقدرهم على العقاب من حيث لا يشعر المعاقب.