يحيى بيحيى ، وهي عاقر ، مع ذكرها قصة ولادة مريم ، وابتهال أمها ، ثم قصة صلاحها وطهارتها ، وما أكرمها الله به. وكل ذلك يجعل الاستعداد كاملا لتلقي نبأ الحمل بعيسى من غير أب.
فالأولى من الفقرات تقص علينا قصة حمل عاقر ، والثانية تقص علينا قصة حمل من غير أب ، والفقرة الثالثة تذكرنا بخلق بلا أب ولا أم ، وتأتي قصة عيسى في الوسط.
٢ ـ لاحظنا في هذه الفقرة خطاب الملائكة لمريم ، ومريم ـ بنص القرآن ـ صديقة ، فهي ليست نبية ، ولا تكون النبوة إلا في الرجال كما سنرى ، فدل ذلك على أنه يمكن لغير الأنبياء أن يخاطبوا من قبل الملائكة ، أو يكشف لهم شىء من عالم الغيب من باب الكرامات ، ويشهد لهذا كثير من النصوص الصحيحة ، مما نتعرض له إذا جاءت مناسبته. وفي هذا النص دليل أيما دليل على صحة هذا. ومن أقبل على الله بالسنة ، فتح الله عليه إن شاء. وقد قال عليه الصلاة والسلام لأبي بكر وحنظلة في الحديث الذى رواه مسلم : «لو تدومون على ما أنتم عليه عندي وفي الذكر ؛ لصافحتكم الملائكة».
٣ ـ في الصحيحين عن علي بن أبي طالب قال : «سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «خير نسائها مريم بنت عمران ، وخير نسائها خديجة بنت خويلد» المعنى : خير نساء بني إسرائيل مريم ، وخير نساء هذه الأمة خديجة. وروى الترمذي وصححه عن أنس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، وآسية امرأة فرعون» وأخرج الجماعة إلا أبا داود ، عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران ، وآسية امرأة فرعون». أي : من الأمم السابقة والله أعلم. ولفظ البخاري : «ويكمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ، ومريم بنت عمران ، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام».
٤ ـ في قوله تعالى (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ) أي نقصه عليك (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ) أي : ما كنت عندهم يا محمد ، فتخبرهم عن معاينة عما جرى ، بل أطلعك الله على ذلك ؛ كأنك حاضر وشاهد لما كان من أمرهم حين اقترعوا