قاعدة يرضاها الجميع.
لقد رأيت ناسا مذهبيين يستحلون دم ابن تيمية ، ورأيت ناسا من أهل الحديث يستحلون دم النووي ، وسيبقى أمثال هؤلاء موجودين في الأمة وسواء وجدوا أو لم يوجدوا فإنني لا أرى للحكم الإسلامي أن يتورط في دم النووي ، أو في دم ابن تيمية ، ولا أرى له أن يتورط في عقوبة هذا أو هذا ، وليبق باب التحقيق العلمي مفتوحا ، وليبق النووي يناقش ابن تيمية والعكس. وضمير الأمة الإسلامية لن يعجزه التمييز مع وجود العلم الشامل الذي يجب أن يكون جزءا من سياسة الدولة.
وأكرر أن ما قلته ، اقتراح له صلة بقضايا الحكم والسياسة الإسلاميين ، وليس له صلة برأي شخصي حول فهم موضوع المحكم والمتشابه.
فصل في الرسوخ في العلم :
مما مر معنا في سورة آل عمران ، عرفنا بعض خصائص الراسخين في العلم من كونهم يعملون بالمحكم ، ويحملون عليه المتشابه ، أو يسلمون لله تعالى فيه ، ولا يعارضون النصوص ببعضها ، ومن أنهم أهل لب ، ومن أنهم خاشعون لله كثيرو الدعاء له. وسيأتي في آخر سورة آل عمران تعريف لأولي الألباب ، الذين اجتمع لهم الذكر والتفكر ، والدعاء والعمل ، والهجرة حال وجوبها وتحمل ترك البلاد في سبيل الله ، وتحمل الإيذاء في سبيل الله ، والمشاركة في القتال إذا كان واجبا ، والاستعداد للاستشهاد. كل ذلك علامات نتعرف بها على الراسخين في العلم ، الذين لكلامهم وزن في موضوع المتشابه والمحكم ، ولكن هذه كلها علامات ، هي أثر العلم الحقيقي ، فإذا اجتمعت مع العلم الحقيقي الكامل الشامل ، وجد الراسخ في العلم ، وإذا أردنا أن نأخذ تصورا عن العلوم التي يحتاجها الفهم لكتاب الله ، فلنقرأ تصور السيوطي للعلوم التي يحتاجها المفسر لنأخذ تصورا مبدئيا عن الرسوخ في العلم ، فلننقل كلامه ثم نعلق عليه قال السيوطي في كتابه الإتقان في علوم القرآن :
«ومنهم من قال ، يجوز تفسيره لمن كان جامعا للعلوم التي يحتاج إليها المفسر ، وهي خمسة عشر علما. أحدها اللغة : لأن بها يعرف شرح مفردات الألفاظ ومدلولاتها بحسب الوضع.
الثاني : النحو : لأن المعنى يختلف باختلاف الإعراب.