أسرار هذا الكون. (وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ.) أي : لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بالنبوة والرسالة. (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً.) أي : شاهدا وإن لم يشهد غيره. روى ابن إسحق عن ابن عباس في سبب نزول الآية الأخيرة قال : «دخل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم جماعة من اليهود فقال لهم : إني لأعلم والله ، إنكم لتعلمون أني رسول الله ، فقالوا : ما نعلم ذلك ، فأنزل الله ـ عزوجل ـ (لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ ...) (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بتكذيب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما جاء به (وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ.) أي : ودفعوا الناس عن سبيل الحق بفتنتهم أو بدعايتهم ضده. (قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً) عن الرشد. أي : بعدوا عنه بعدا عظيما شاسعا.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا.) أي : بالله وآياته وكتبه ورسله (وَظَلَمُوا) أنفسهم بارتكاب مآثمه وانتهاك محارمه ، أو ظلموا الظلم العظيم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بإنكارهم نبوته وتحريف ما ورد في نعته في الكتب السابقة. (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) ما داموا على الكفر (وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً.) أي : سبيلا إلى الخير ، أو سبيلا رشدا (إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً.) أي : إلى جهنم طريقهم ، وفي جهنم عذابهم أبدا ، وكان تخليدهم في جهنم سهلا عليه ، وهذه الآية والتي قبلها في قوم علم الله أنهم لا يؤمنون ، وأنهم يموتون على الكفر. (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ.) أي : محمد صلىاللهعليهوسلم (بِالْحَقِّ.) أي : بالإسلام (مِنْ رَبِّكُمْ) فمن أراد الإسلام لله رب العالمين فليس إلا دين محمد صلىاللهعليهوسلم ، فمحمد صلىاللهعليهوسلم هو الذي جاء بالهدى ودين الحق والبيان الشافي من الله ـ عزوجل ـ (فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ) فصدقوا بمحمد صلىاللهعليهوسلم وبدينه وبكتابه ، وبكل الحق الذي جاء به ، وذلك خير لكل إنسان مما هو فيه. (وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فهو غني عنكم وعن إيمانكم ، ولا يتضرر بكفرانكم. (وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) عليما بمن يؤمن وبمن يكفر ، حكيما لا يسوي بينهما بالجزاء ، وبهذا ينتهي المقطع.
فوائد :
١ ـ قال ابن كثير : «وهذه تسمية الأنبياء الذين نص الله على أسمائهم في القرآن وهم : آدم ، وإدريس ، ونوح ، وهود ، وصالح ، وإبراهيم ، ولوط ، وإسماعيل ، وإسحق ، ويعقوب ، ويوسف ، وأيوب ، وشعيب ، وموسى ، وهارون ، ويونس ، وداود ، وسليمان ، وإلياس ، واليسع ، وزكريا ، ويحيى ، وعيسى ، وكذا ذو الكفل ،