أمروا به ، وعصوا فهي طبيعتهم ، العصيان والمخالفة. (وَقُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ.) أي : أوصيناهم بحفظ السبت ، والتزام ما حرم الله عليهم ، فلا يتجاوزون الحد فيه ، فخالفوا وعصوا واحتالوا على ارتكاب ما حرم الله عليهم ، تلك طبيعتهم. (وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً.) أي : عهدا شديدا ، فنقضوا مواثيقهم كلها بدليل قوله تعالى بعد ذلك : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ.) أي : فبنقضهم العهود التي أخذها الله عليهم ، والجواب والعقوبة سيأتيان بعد خمس آيات كما سنرى. (وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللهِ.) أي : وكفرهم بحججه وبراهينه والمعجزات التي شاهدوها على يد الأنبياء عليهمالسلام. (وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ.) أي : بغير سبب يستحقون به القتل ، والرسل لا يرتكبون ما يستحقون به القتل ، ولكن حتى لا يتوهم متوهم ذكرت ، وما قتلوهم إلا لشدة إجرامهم واجترائهم على أنبياء الله ، فإنهم قتلوا جمعا غفيرا من الأنبياء عليهمالسلام كما سنرى في قسم الفوائد. (وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ.) أي : قلوبنا مغطاة محجوبة لا يتوصل إليها شىء من الذكر والوعظ وهو كالاعتذار ، وما أقبحه من اعتذار. لذلك رد الله عليهم بقوله : (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ.) أي : بسبب كفرهم (فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً.) أي : إلا قليلا منهم يؤمنون ، كعبد الله بن سلام وأمثاله. (وَبِكُفْرِهِمْ) كرر ذكر الكفر ، لتكرار الكفر منهم ، كلما بعث رسول. وهنا يذكر الكفر بمناسبة كفرهم بعيسى عليهالسلام. (وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً.) أي : كذبا كبيرا ، إذ رموها بالعظائم ، فاتهموها بالزنى. (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ.) فهم لم يكتفوا بالكفر بل تبجحوا بادعاء قتله. ووصف المسيح بأنه رسول الله إن كان من كلامهم ، فإنه يكون من باب الاستهزاء ، ويحتمل أن الله وصفه بالرسول ، ويكون هذا ليس من كلامهم. وقد نفى الله ـ عزوجل ـ قتله أو صلبه بقوله : (وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) وقتلوا وصلبوا شبيهه. (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ.) أي : في عيسى عليهالسلام ، والاختلاف فيه إن كان أثناء القتل ، أو قبله ، يكون المختلفون اليهود ، وإن كان فيما بعد فالمختلفون النصارى. (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ.) أي : لفي شك من شأنه وقتله. (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ.) أي : ما لهم بالمسيح من علم قاطع ، ولكنهم يتبعون الظن ، وأنى يجوز الظن في باب العقائد. (وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً.) أي : وما قتلوه حقا ، أو ما قتلوه متيقنين. (بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ.) أي : بل رفع الله المسيح إلى السماء. (وَكانَ اللهُ عَزِيزاً.) أي : مانع الجناب ، لا يرام جنابه ولا