فوائد :
١ ـ رأينا أن السمة الأولى للمنافقين هي أن ولاءهم منحرف. وقد ذكرت الآيات السابقة مجموعة من مظاهر هذا الولاء : مجالسة الكافرين ، ومشاركتهم فيما هم فيه من الهجوم على الإسلام ، والاستهزاء به ، ومن ذلك مودتهم الخفية للكافرين. ومن ثم نجد النداء الثاني في المقطع الثاني يتوجه لأهل الإيمان بالحذر من موالاة الكافرين كما سنرى.
٢ ـ روى ابن مردويه أن ابن عباس كان يكره أن يقوم الرجل إلى الصلاة وهو كسلان ، ولكن يقوم إليها طلق الوجه ، عظيم الرغبة ، شديد الفرح ، فإنه يناجي الله ، وإن الله تجاهه ، يغفر له ، ويجيبه إذا دعاه ، ثم يتلو هذه الآية : (وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى.) وفي الصحيحين عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء ، وصلاة الفجر ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ...» وروى الإمام مالك عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «تلك صلاة المنافق ، تلك صلاة المنافق ، تلك صلاة المنافق : يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان ، قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا» رواه مسلم وغيره.
٣ ـ وروى الإمام مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «مثل المنافق كمثل الشاة العائرة (أي المترددة بين الفحلين لا تدري أيهما ينزو عليها) بين الغنمين ، تعير إلى هذه مرة ، وإلى هذه مرة ، ولا تدري أيهما تتبع».
٤ ـ روى أبو يعلى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قوله : «من أحسن الصلاة حيث يراه الناس ، وأساءها حيث يخلو ، فتلك استهانة استهان بها ربه عزوجل».
٥ ـ قال قتادة : وذكر لنا أن نبي الله صلىاللهعليهوسلم كان يضرب مثلا للمؤمن وللمنافق والكافر ، كمثل رهط ثلاثة دفعوا إلى نهر ، فوقع المؤمن فقطع ، ثم وقع المنافق حتى إذا كاد يصل إلى المؤمن ناداه الكافر أن هلم إلي ، فإني أخشى عليك ، وناداه المؤمن أن هلم إلي فإن عندي وعندي يحظي له ما عنده ، فمازال يتردد بينهما ، حتى أتى عليه الماء فغرقه ، وإن المنافق لم يزل في شك وشبهة حتى أتى عليه الموت وهو كذلك.
نقول :
١ ـ رأينا أن المنافقين يوالون الكافرين رغبة في العزة ولقد قال الله تعالى : (أَيَبْتَغُونَ