الفريد. أما العفن الذي يسمونه «العدالة» في أمم الجاهلية الغابرة والحاضرة ، فلا يستحق أن نرفع عنه الغطاء ، في مثل هذا الجو النظيف الكريم.
كلمة في السياق :
بدأ المقطع بتبيان مراد من مرادات الله في إنزال الكتاب ـ وهو الحكم ـ بالحق بين الناس ، ثم ثنى بالنهي عن الدفاع عن الخائنين ، واستمر المقطع يوضح حيثيات هذا المعنى حتى الآية التي تذكر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بفضل الله عليه ، والتذكير بفضل الله ـ الذي منه إنزال الكتاب والحكمة ـ مرتبط بموضوعي الحكم بالحق ، وعدم الدفاع عن الخائنين. فلا يليق بأحد بعد إنزال الكتاب والحكمة أن يحكم إلا بالحق ، كما لا يليق به أن يدافع عن أهل الباطل. وفي الآية الأخيرة تذكير لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بفضل الله عليه ، بإنزال الكتاب والحكمة ، وبالعصمة التي خصه بها.
(لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ) التناجي : كلام الناس فيما بينهم وقد نفى الله الخيرية عنه (إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ.) أي : إلا نجوى من أمر بصدقة ، ففي نجواهم الخير ، والصدقة تشمل الزكاة وصدقة التطوع ، وإلا نجوى من أمر بمعروف ، والمعروف : شريعة الله ودينه. ومن المعروف القرض وإغاثة الملهوف وكل جميل. وإلا من أمر بإصلاح ذات البين (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ.) أي : المذكورات (ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ.) أي : طلبا لمرضاة الله ، وخرج عنه من فعل ذلك رياء أو ترأسا (فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً.) أي : ثوابا جزيلا كثيرا واسعا (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى.) أي : ومن يخالف الرسول من بعد وضوح الدليل ، وظهور الرشد (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ.) أي : ويتبع غير ما عليه المؤمنون من الدين ، وهذا دليل على أن الإجماع حجة لا تجوز مخالفتها ، كما لا يجوز مخالفة الكتاب والسنة ، لأن الله تعالى جمع بين اتباع غير سبيل المؤمنين ، وبين مشاقة الرسول صلىاللهعليهوسلم في الشرط ، وجعل جزاءه الوعيد الشديد ، فكان اتباع الإجماع واجبا كموالاة الرسول صلىاللهعليهوسلم. (نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى.) أي : في الدنيا نجعله واليا لما تولى من الضلال ، وندعه وما اختاره في الدنيا. (وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ.) أي : في الآخرة ، (وَساءَتْ مَصِيراً.) وأي منقلب ومأوى ومستقر شر من النار؟!