الصور : يكون الجهاد فرض عين إذا أعلن الإمام النفير العام ، أو إذا هوجمت بلد أو منطقة فقد افترض القتال على المستطيع رجلا أو امرأة ، وإذا هوجمت منطقة ، فكفى أهلها للدفاع عنها ، فالجهاد فرض عين عليهم فقط ، وإلا فتنتقل فرضية العين إلى من حولهم ، ثم إلى من حولهم. وهكذا حتى يعم الفرض الأمة الإسلامية كلها. ومن حالات النفير التي يجب على المسلمين فيها الجهاد ، حالة ما إذا استنفرهم الإمام الحق ، لقتال الخارجين عليه بغير الحق ، ومن الحالات التي يفترض على المسلمين فيها القتال فرضا عينيا ، حالة ما إذا سيطر المرتدون أو الكافرون على قطر من أقطارهم ؛ فقد افترض على أهل هذا القطر فرضا عينيا ، أن يقاتلوا وعلى المسلمين أن يمدوهم. ويفترض على المسلمين القتال فرض كفاية ، في حالة ما إذا كانوا آمنين ، فعليهم أن يقاتلوا أي جهة من جهات دار الحرب ، وهذا الذي هو فرض كفاية إذا قام به بعضهم سقط عن البعض الآخر ، ولا يسقط هذا إلا في حالات الضعف الذي هو مظنة استئصال المسلمين لو هاجموا بشرط نية الإعداد ، وتلافي حالة الضعف والوضع الدولي في عصرنا في غاية التعقيد فلا بد أن يلاحظ ذلك.
٢ ـ وفي صحيح البخاري عن أنس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن بالمدينة أقواما ما سرتم من مسير ، ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه ، قالوا : وهم بالمدينة يا رسول الله؟ قال : نعم. حبسهم العذر» فهذا مثال على لحوق أصحاب الأعذار للمجاهدين في الأجر ، ولكن تبقى درجة لمن مارس الجهاد عمليا.
٣ ـ وفي تفسير الدرجة والدرجات قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم كما ثبت في الصحيحين : «إن في الجنة مائة درجة ، أعدها الله للمجاهدين في سبيله ، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض» وروى عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من رمى بسهم فله أجره درجة ، فقال رجل : يا رسول الله ، وما الدرجة؟ فقال : أما إنها ليست بعتبة أمك ، ما بين الدرجتين مائة عام».
٤ ـ وفي سبب النزول وما أحاط به يروي البخاري عن ابن عباس أن الآية نزلت بمناسبة غزوة بدر. قال ابن عباس لا يستوي القاعدون من المؤمنين عن بدر ، والخارجون إلى بدر ، وقد روى البخاري وغيره تساؤل عبد الله بن أم مكتوم ـ وهو أعمى ـ عن حال أمثاله ممن لا يستطيعون الجهاد فأنزل الله (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) وهذه رواية الإمام أحمد في هذا الموضوع قال زيد بن ثابت : إني قاعد إلى جنب النبي صلىاللهعليهوسلم إذ أوحي إليه ، وغشيته السكينة ، قال : فوقع فخذه على فخذي حين غشيته السكينة ،