(قُلْ : أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ.)
فبعد التفصيل في أن الدين عند الله الإسلام ، وبعد التفصيل في مواقف الكافرين ، تأتي هذه الإعلانات الأربعة لتحدد لأهل الإيمان مواقفهم ، ولتعلمهم صفحة من هداية الله لهم ، في كتابه ، يقابلون بها مواقف الكافرين ، ويرتقون بها إلى مقامات المتقين.
انتهى المقطع الأول بإعلان شهادة الله على أنه قائم بالقسط ؛ ليأتي هذا المقطع معلنا أن الله القائم بالقسط لا يقبل دينا إلا الإسلام. فذلك هو العدل الخالص ثم يسير المقطع ليحدثنا عن الكافرين الذين يقتلون الذين يأمرون الناس بالقسط ، ثم يسير المقطع ليأمر الرسول صلىاللهعليهوسلم أن يعلن ، وأن يعرف على أمور بدونها لا يكون إسلام. فالمقطع يرتبط مع المقطع السابق الذي يحدثنا عن وحدانية الله ، وقيوميته ، وعزته ، وحكمته ، بوشائج كثيرة ، فهو استمرار له وتفصيل لما تقتضيه الوحدانية والقيومية والعزة والحكمة ، من مظاهر العبودية له ـ جل جلاله ـ معرفة وتسليما ومحبة وطاعة ، وكما أن المقطع الأول تحدث عن الكتاب ، والاهتداء به في فقرته الأولى ، ثم تحدث عن الكافرين في فقرته الثانية ، ثم ذكر تزيين الحياة الدنيا وشهواتها ، وهي القاطعة عن الطريق.
فإن هذا المقطع تحدث عن الاهتداء بالقرآن ، وذلك بالإسلام لله في فقرته الأولى ، وتحدث عن الكافرين في فقرته الثانية ، وتحدث في فقرته الثالثة عن معان تزيل الغشاوات عن الأعين ، فترفع الهمة نحو السير في الإسلام ، فلا شىء يحول دون السير في طريق الله ، كحب الجاه ، والحرص على الرزق :
فتأتي الفقرة الثالثة وفيها :
(قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ .. وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ.)
(قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ ....)
كما أن في الفقرة تحطيما للدعاوى ، وتحديدا للطريق :
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ....)
(قُلْ : أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ ....)