والبلاغي لأي نص قرآني آخر. إن إنسانا لا يعرف الله في كتابه من مثل هذا محروم محروم.
في الآية الأولى : أمر الله ـ عزوجل ـ بالعدل في الأولاد بين الذكور والإناث في أصل الميراث ، وفاوت بين الصنفين ، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين ، وذلك لاحتياج الرجل إلى مؤونة النفقة والكلفة ، ومعاناة التجارة والتكسب وتحمل المشاق ، فناسب أن يعطى ضعفي ما تأخذه الأنثى. فإذا كان الأولاد إناثا فقط ، فإن كن ثلاثا فصاعدا فلهن الثلثان من تركة الميت ، وإن كن ثنتين فكذلك ، وإن كانت واحدة فلها النصف. وللأبوين إن كان للميت أولاد لكل منهما السدس ، فإن كان الأبوان هما الوارثين الوحيدين ، فللأم الثلث ، والثلثان للأب. فإن كان للميت أخوة ، حجب الإخوة الأم عن الثلث إلى السدس ، دون أن يكون لهم شىء مع وجود الوالد ، وللوالد الباقي ؛ وهذا كله بعد أن تدفع الديون التي على الميت عنه ؛ وهذا كله بعد دفع الوصية إن كانت في حدود الثلث. ثم بين الله ـ عزوجل ـ في نهاية الآية الأولى حكمة هذه الفريضة للآباء والأبناء ، إذ الملاحظ أن الآية الأولى كانت في ميراث الآباء والأبناء بشكل رئيسي ، إن الحكمة في هذا التشريع هي : أن الإنسان قد يأتيه النفع الدنيوي ، أو الأخروي ، أو هما ، من كل من أبيه أو ابنه. وقد يكون أحدهما أرجى نفعا ، ولكن النفع متوقع ومرجو من هذا ، كما هو متوقع ومرجو من الآخر ، فلهذا فرض الله لهذا وهذا ، وجعل لكل نصيبه بما يناسب حاله. ثم بين الله ـ عزوجل ـ أن ما ورد في هذه الآية من تفصيل الميراث ، وإعطاء بعض الورثة أكثر من بعض ، هو فرض من الله حكم به وقضاه ، والله عليم حكيم ؛ يضع الأشياء في محالها ، ويعطي كلا ما يستحقه بحسبه.
وفي الآية الثانية : بين الله حصة الأزواج والزوجات ، فبين أن للرجال نصف ما ترك أزواجهم إذا متن عن غير ولد ، فإن متن عن ولد فللزوج الربع من بعد الوصية والدين ، وللزوجات الربع في حالة عدم الولد. فإذا وجد الولد فللزوجة إن كانت واحدة ، أو للزوجات إن تعددن الثمن من بعد الوصية أو الدين. فإن مات رجل أو امرأة وليس له أو لها والد ولا ولد ، وكان له أولها أخ أو أخت من أم فلكل واحد منهما السدس. فإن كانوا أكثر من ذلك رجالا أو نساء أو مختلطين فكلهم شركاء في الثلث. وكل