فوائد :
١ ـ قال الفقهاء : يحرم الزواج بأكثر من واحدة ، إذا تأكد من نفسه الجور. فإن ظن من نفسه ولم يتأكد ، كره له كراهة تحريمية ، أن يتزوج بأكثر من واحدة. وأما الزواج من واحدة ، فسنة عند اعتدال الشهوة. فإن تاقت نفسه إلى الجماع ، فواجب. فإن خشي على نفسه الزنا أو اللواط إن لم يتزوج ، أصبح الزواج فريضة.
٢ ـ معنى قوله تعالى : (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ.) أي : ثنتين ثنتين ، وثلاثا ثلاثا ، وأربعا أربعا. كقول القائل : اقتسموا هذا الألف : درهمين درهمين ، وثلاثا ثلاثا ، وأربعا أربعا. فكان الخطاب بذلك ليصيب كل ناكح يريد الجمع ما أراد من العدد الذي أطلق له. وجىء بالواو ؛ لتدل على تجويز الجمع حتى الأربع. ولو جىء ب (أو) في هذا المقام ، لما فهم هذا الفهم. وقصر الجمع على الأربع مفهوم من هذه الآية ، لأن المقام مقام امتنان وإباحة ، فلو كان يجوز الجمع بين أكثر من أربع لذكره.
قال الشافعي : «وقد دلت سنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم المبينة عن رسول الله أنه لا يجوز لأحد غير رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة» وهذا الذي قاله الشافعي ، مجمع عليه بين العلماء ، إلا ما حكي عن طائفة من الشيعة ، أنه يجوز الجمع بين أكثر من أربع ، إلى تسع. وقال بعضهم : بلا حصر. وهو مذهب مرذول ، فاسد ، منقوض بنص القرآن ، وصحيح السنة ، وإجماع الأمة. وأما ما ذكره أنس ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم تزوج بخمس عشرة امرأة ، ودخل منهن ، بثلاث عشرة ، واجتمع عنده إحدى عشرة ، ومات عن تسع. فذلك من خصائصه صلىاللهعليهوسلم. وما ورد في السنة يفيد وجوب الاقتصار على أربع ، من ذلك ما رواه أبو داود ، وغيره بإسناد حسن أن عميرة الأسدي قال : أسلمت ، وعندي ثمان نسوة. فذكرت للنبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «اختر منهن أربعا». وقد حدث مثل هذا لأكثر من واحد كان عنده أكثر من أربع ، فأمره الرسول صلىاللهعليهوسلم باختيار الأربع وتطليق مازاد على ذلك ، قال ابن كثير بعد ما ذكر أكثر من حديث في هذا الباب : «دل على أنه لا يجوز الجمع بين أكثر من أربع بحال. فإذا كان هذا في الدوام ففي الاستئناف بطريق الأولى والأحرى».
٣ ـ مما فسرت به كلمة النحلة في الآية : الديانة. وعلى هذا يكون المعنى : وآتوا النساء مهورهن ديانة. ولكن ما ذكرناه هناك أقوى والنتيجة واحدة.