وقال الزهري : «وحدثني أبو سلمة عن ابن عباس : أن أبا بكر خرج وعمر يكلم الناس وقال : اجلس يا عمر. قال أبو بكر : أما بعد ؛ من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ، قال الله تعالى : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) إلى قوله (وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) قال : فو الله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها عليهم أبو بكر ، فتلاها منه الناس كلهم ، فما أسمع بشرا من الناس إلا يتلوها وأخبرني سعيد بن المسيب أن عمر قال : والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقلني رجلاي وحتى هويت إلى الأرض».
٦ ـ قد مر معنا ارتباط هذا المقطع بالسياق القرآني العام ، وقد رأينا أن المقطع يفصل في بعض أخلاق المؤمنين والمتقين ، ويعلمهم كيف ينبغي أن يكونوا في مواقفهم العامة ، وفي صراعهم مع الكافرين.
كلمة في القسم الرابع :
١ ـ يلاحظ أن هذا القسم بدأ بقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ ...) لاحظ كلمة (يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ.)
ثم لاحظ أن آخر مجموعة فيه هي قوله تعالى : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ.) فما بين بداية القسم ونهايته ارتباط واضح ، من خلال الكلام عن الردة بعد الإيمان. فالقسم فيه تثبيت لأهل الإسلام بالبقاء على الإسلام ، من خلال ترك ما يؤدي إلى الردة ، وفعل ما يثبت على الهداية ، وعلى ضوء ذلك علينا أن نفهم المسرى العام لآيات هذا القسم من كون الاعتصام بحبل الله ، وعدم التفرق فيه ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وعدم اتخاذ بطانة من دون المؤمنين ، وترك الربا ، وطاعة الله والرسول صلىاللهعليهوسلم ، والتحقق بصفات المتقين ، وترك الوهن والحزن. على أن ذلك كله وغيره مما مر في هذا القسم لا بد منه للثبات على الإسلام.
٢ ـ ولقد مر معنا أثناء عرض مقاطع القسم ما يدل على أن هذا القسم كغيره من أقسام سورة آل عمران ، إنما هو تفصيل لمقدمة سورة البقرة ، وامتدادات معانيها في سورة البقرة. ولو أردنا أن نذكر هنا ما يدل على ذلك فإننا نخشى أن يمل القارىء