٤ ـ فائدة حول السياق :
قلنا : إن سورة آل عمران هي تفصيل لما أجمل في مقدمة البقرة ، والمقطع الذي بين أيدينا ، حدد الله ـ عزوجل ـ فيه حدود العلاقة بين المؤمنين وغيرهم من الكافرين والمنافقين ، وبين فيه أنه لا يحل للمؤمنين أن يتخذوا بطانة لهم من غيرهم من المنافقين والكافرين. مع تبيان السبب ، ونفي كل ما من شأنه أن يدعو إلى مخالفة النهي هذا. وخلال ذلك حلل نفسية الكافرين والمنافقين ، وحقيقة ما بأنفسهم تجاهنا ، وما قد يخطىء به المسلم إذ يتصور أنه باتخاذه بطانة من غير المسلمين يمكن أن يدفع أذى ، أو يستجلب منفعة ، فنفى هذا كله ، مع التربية على العبودية الكاملة.
كلمة فيما مر وسيمر من القسم الرابع :
مر معنا من القسم الرابع مقطعان ، وبقي مقطع واحد ، وقد بدأ القسم بالنهي عن طاعة أهل الكتاب ، وبين لنا كل ما نحتاجه من أجل ألا نعطي الطاعة لهم ، من تذكير لنا بما يثبتنا على الإيمان ، إلى تذكير لنا بالاعتصام بالكتاب ، إلى أمر لنا بوجوب الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والدعوة إلى الخير ، إلى نهينا عن التفرق ، إلى تذكيرنا بأن كيد أهل الكتاب لا يضرنا ، وأننا منصورون عليهم ، إلى غير ذلك من معان تشكل البديل عن المنفعة المتوهمة في ظن من يظن أن طاعة أهل الكتاب فيها مصلحة ، كما بين لنا ما ينبغي أن يكون حائلا بيننا وبين طاعة أهل الكتاب.
ثم جاء المقطع الثاني لينهانا أن نتخذ بطانة من دوننا كائنا من كانوا ، وبين لنا الأسباب التي يحول بيننا وبين أن نتخذهم بطانة ، وذكرنا بما يعين على ذلك فهاتان طائفتان مؤمنتان كادتا أن تفشلا بسبب حسن ظنهم بالمنافقين يوم أحد ، ثم إن عصمة الله لهما منعتهما من ذلك ، ونصرة الله للمؤمنين يوم بدر ينبغي أن تكون على ذكر منا ، بحيث تقتلع من قلوبنا ما يمكن أن نحذره حين لا نتخذ بطانة من دون المؤمنين. ثم ذكرنا الله ـ عزوجل ـ بحكمته التي تجعله يعذب من يشاء ، ويغفر لمن يشاء ، وذلك له تأثيراته في قضية النهي عن اتخاذ بطانة من الكافرين.
وبعد ذلك كله ، يأتي المقطع الثالث والأخير من القسم الرابع ؛ ليبني الجماعة المسلمة بعد أن حذرها في المقطعين السابقين من أخطر قضيتين يمكن أن تتساهل فيهما ، طاعة أهل الكتاب ، واتخاذ بطانة من دون المؤمنين. فيأتي المقطع الثالث ليأمر بترك