صاروا خمسة آلاف. (وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) أي : وما جعل الله إنزال الملائكة ، وإعلامكم بإنزالهم ، إلا بشرى لكم ، وتطييبا لقلوبكم ، وتطمينا لها ، وإلا فإن النصر من عند الله الذي لو شاء لانتصر من أعدائه بدونكم ، ومن غير احتياج إلى قتالكم لهم ؛ فإنه ذو العزة التي لا ترام ، والحكمة في قدره وأحكامه ، وتكليفه ، ونصره أو خذلانه ، ومن ثم ختمت الآية بقوله تعالى (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ.) أي : لا من عند المقاتلة ، ولا من عند الملائكة. ولكن ذلك كان رحمة بعباده ، وتقوية لهم ، وإشعارهم أنهم ليسوا وحدهم من خلقه في مقابلة أعداء الله ، فهو العزيز الذي لا يغالب ، الحكيم الذي يعطي النصر لأوليائه ، ويبتليهم بجهاد أعدائه ، ثم بين الله ـ عزوجل ـ لماذا شرع الجهاد والجلاد ، ولماذا كلف عباده بالقتال ، ولماذا وعدهم بالنصر ، وأعطاهم إياه فقال : (لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ) أي : ليهلك طائفة من الذين كفروا ، أو يخزيهم ويغيظهم بالهزيمة ؛ فيرجعوا غير ظافرين بمبتغاهم ، فلا ينالون ما أملوا. وحقيقة الكبت : شدة وهن تقع في القلب ، ثم بين الله ـ عزوجل ـ أن الحكم في الدنيا والآخرة له وحده لا شريك له ، وأن علينا الطاعة وهو الفعال لما يريد. (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) بل الأمر كله لله ، (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ) أي : إما أن يتوب عليهم مما هم فيه من الكفر ؛ فيهديهم بعد الضلالة ، وإما أن يعذبهم في الدنيا والآخرة على كفرهم وذنوبهم. (فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ) أي : مستحقون للتعذيب لظلمهم. فصار المعنى : إن الله وحده هو مالك أمرهم ، فإما أن يهلكهم ، أو يهزمهم ، أو يتوب عليهم إن أسلموا ، أو يعذبهم إن أصروا على الكفر ، وليس لك من أمرهم شىء ، إنما أنت عبد مبعوث لإنذارهم ، ومجاهدتهم. ثم ختم هذا المقطع كله بقوله تعالى : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) أي : الجميع ملك له ، وأهلها عبيد بين يديه ، فليكن رغبتك ورهبتك إليه. (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) أي : هو المتصرف فلا معقب لحكمه ، يوفق من شاء للإسلام ، ويغفر له إن شاء ، ويخذل من يشاء فيعذبه لكفره وضلاله ، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. إن غفر فذلك فضله ، وإن عذب فذلك عدله. (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) سبقت رحمته غضبه ، فلا يهلك عليه إلا هالك ، إلا من يستحق العذاب والخذلان ، ولا يظلم ربك أحدا.
فوائد :
١ ـ كان يوم بدر يوم الجمعة ، في السابع عشر من رمضان من سنة اثنتين للهجرة ،