هُدىً لِلْمُتَّقِينَ.) وفي الفقرة الأولى من المقطع الأول جاء كلام عن منزل القرآن ، وأدب الاهتداء بالقرآن في اتباع المحكم ، والتسليم للمتشابه ، والدعاء لله ـ عزوجل ـ بالهداية. وفي مقدمة سورة البقرة جاء كلام عن الكافرين : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ ... وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ.) وفي الفقرة الثانية ـ من المقطع الأول من سورة آل عمران ـ كلام عن الكافرين وما أعد الله لهم من العذاب ، واستحقاقهم عذاب الدنيا ؛ وأمر للمؤمنين في أنواع من الخطاب يخاطبون بها الكافرين.
وفي مقدمة سورة البقرة تأتي فقرة عن المنافقين بدايتها : (وَمِنَ النَّاسِ.) والفقرة الثالثة من هذا المقطع هي : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ ....) وقد وصف المتقون في مقدمة سورة البقرة بالاهتداء بالقرآن ، وبالإيمان بالغيب ، وبإقام الصلاة ، وبالإنفاق ، وقد جاء في أواخر المقطع ما هو تفصيل لهذه الصفات : (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ* الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ.) فالمقطع إذن فصل في مقدمة سورة البقرة نوع تفصيل.
(٤) قلنا : إن معاني مقدمة سورة البقرة لها امتدادات في سورة البقرة نفسها وههنا لنفصل قليلا : بعد المقدمة في سورة البقرة يأتي قوله تعالى في وصف النار : (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ.) وكأن هذا المعنى امتداد للحديث عن الكافرين في المقدمة. وههنا يقول الله ـ عزوجل ـ عن الكافرين في آل عمران : (وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ.) وبعد المقدمة من سورة البقرة يأتي قوله تعالى : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ.)
وذلك امتداد للكلام عن المتقين في أول السورة. وههنا يأتي تفصيل للإيمان والعمل الصالح والجزاء (قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ.) وفي سورة البقرة آية البر التي فصلت في وصف المتقين فكأنها امتداد لمقدمتها ، فذكرت الصبر والصدق من صفات المتقين ، وههنا يأتي تفصيل لذلك كله :
(قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ