إعدادات
الكشّاف [ ج ٣ ]
الكشّاف [ ج ٣ ]
تحمیل
يقال حكم حكما كحلم ، وهو الفهم للتوراة والفقه في الدين عن ابن عباس. وقيل : دعاه الصبيان إلى اللعب وهو صبى فقال : ما للعب خلقنا ، عن الضحاك. وعن معمر : العقل ، وقيل النبوّة ، لأنّ الله أحكم عقله في صباه وأوحى إليه.
(وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا (١٣) وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا)(١٤)
(حَناناً) رحمة لأبويه وغيرهما ، وتعطفا وشفقة. أنشد سيبويه :
وقالت حنان ما أتى بك هاهنا |
|
أذو نسب أم أنت بالحي عارف (١) |
وقيل : حنانا من الله عليه. وحنّ : في معنى ارتاح واشتاق ، ثم استعمل في العطف والرأفة ، وقيل لله «حنان» كما قيل «رحيم» على سبيل الاستعارة. والزكاة : الطهارة ، وقيل الصدقة ، أى : يتعطف على الناس ويتصدّق عليهم :
(وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا)(١٥)
__________________
ـ صياد ، فوجدوه ستا وستين حمامة ، ونصفه ثلاثة وثلاثون ، فإذا ضم الكل إلى حمامتها صار مائة ، والحمام : كل ذى طوق من الطيور. وسراع : جمع سريع ، وصفه به لأنه جمع في المعنى ، وبوارد لأنه مفرد في اللفظ. ويروى «شراع» بالشين المشالة جمع شارع. والثمد : الماء القليل. وروى الحمام ونصفه بالرفع ، على إهمال ليتما. وبالنصب على إعمالها ، لأن «ما» زائدة لا كافة ، وإلا وجب الإهمال. وروى «أو نصفه» فأو بمعنى الواو ، والكلام على تقدير مضاف ، لأنها تمنت أن يكون هذا الحمام ومقدار نصفه لها. وإلى حمامتنا : متعلق بمحذوف ، أى : منضما إليها. وقد : اسم بمعنى حسب ، أضيفت إلى ياء المتكلم بغير نون الوقاية ، كما يقال : حسبي : ويحتمل أن الياء حرف إطلاق ، فلا إضافة ولكنها متعينة في كلام زرقاء ، والهاء فيه للسكت ، وهو يرجح الاضافة في كلام النابغة ، والفاء فيه زائدة لتحسين اللفظ كفاء فقط ، وكلاهما بمعنى انته ، وكأنها فاء الجواب ، أى : إذا بلغت هذا الحد فانته كما أفاده السعد في مطوله ، وحبسوه ينبغي تشديده ليسلم الشعر من الخبل ، وهو نوع من الزحاف يقبح دخوله هنا.
ويروى «حسبوه» بتقديم السين على الباء.
(١) وأحدث عهد من أمينة نظرة |
|
على جانب العلياء إذ أنا واقف |
فقالت حنان ما أتى بك هاهنا |
|
أذو نسب أم أنت بالحي عارف |
لمنذر بن درهم الكلبي ، يقول : وأقرب عهد : أى لقاء ورؤية لأمينة محبوبتى تصغير آمنة ، هو نظرة منى لها بجانب تلك البقعة ، إذ أنا واقف هناك : أى حين وقوفي بها. وفيه إشعار بأنه كان واقفا يترقب رؤيتها ، فلما رأته هي قالت له : حنان أى أمرى حنان ورحمة لك ، وهو من المواضع التي يجب فيها حذف المبتدأ لنيابة الخبر عن الفعل ، لأنه مصدر محول عن النصب. وقولها «ما أتى بك هاهنا» استفهام تعجبي. أذو نسب : أى أأنت ذو نسب أم أنت عارف بهذا الحي؟ ويجوز أن «أذو نسب» بدل من ما الاستقامية : أى الذي حملك على المجيء هنا أو الذي ذلك عليه صاحب قرابة من الحي أى معرفتك به؟ ويجوز أن الاستفهام حقيقى حكته على لسان غيرها ، لتلقنه الجواب بقولها : أذو نسب ... الخ ، مع معرفتها سبب مجيئه وهو حبها ، ربما يسأله أحد من أهلها فيجيبه بأحد هذين الجوابين.