وفي مصحف ابن مسعود : أخى واشدد. وعن أبى بن كعب : أشركه في أمرى ، واشدد به أزرى. ويجوز فيمن قرأ على لفظ الأمر : أن يجعل (أَخِي) مرفوعا على الابتداء : و (اشْدُدْ بِهِ) خبره ، ويوقف على (هارُونَ). الأزر : القوة. وأزره : قواه ، أى : اجعله شريكي في الرسالة حتى نتعاون على عبادتك وذكرك ، فإن التعاون ـ لأنه مهيج الرغبات ـ يتزايد به الخير ويتكاثر (إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً) أى عالما بأحوالنا وبأن التعاضد مما يصلحنا ، وأن هرون نعم المعين والشادّ لعضدى ، بأنه أكبر منى سنا وأفصح لسانا.
(قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى)(٣٦)
السؤل : الطلبة ، فعل بمعنى مفعول ، كقولك : خبز ، بمعنى مخبوز. وأكل ، بمعنى مأكول.
(وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى (٣٧) إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى (٣٨) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي)(٣٩)
الوحى إلى أم موسى : إما أن يكون على لسان نبىّ في وقتها ، كقوله تعالى (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ) أو يبعث إليها ملكا لا على وجه النبوة ، كما بعث إلى مريم. أو يريها ذلك في المنام فتتنبه عليه. أو يلهمها كقوله تعالى (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) أى أوحينا إليها أمرا لا سبيل إلى التوصل إليه ولا إلى العلم به إلا بالوحي ، وفيه مصلحة دينية فوجب أن يوحى ولا يخل به ، أى : هو مما يوحى لا محالة وهو أمر عظيم ، مثله يحق بأن يوحى «أن» هي المفسرة لأن الوحى بمعنى القول. القذف مستعمل في معنى الإلقاء والوضع. ومنه قوله تعالى (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) وكذلك الرمي قال :
غلام رماه الله بالحسن يافعا (١)
__________________
(١) رآني على ما بي عميلة فاشتكى |
|
إلى ماله حالى فواسى وما هجر |
ولما رأى المجد استعيرت ثيابه |
|
تردى رداء سابغ الذيل واتزر |
غلام رماه الله بالحسن يافعا |
|
له سيمياء لا تشق على البصر |
كأن الثريا علقت فوق نحره |
|
وفي أنفه الشعرا وفي خده القمر |
لأسيد بن عنقاء الفزاري ، كان من أكبر أهل زمانه وأعلمهم بالأدب ، فطال به عمره ونكبه دهره ، فلقيه عميلة الفزاري فسلم عليه وقال : ما أصارك يا عم إلى ما أرى؟ فقال : يخل مثلك بماله ، وصون وجهى عن مسألة الناس. فقال : لئن بقيت إلى غد لأغيرن ما بك ، فلما كان وقت السحر سمع رغاء الإبل وصهيل الخيل تحت الأموال. فقال :