الذي نقب عليهم السكر. ضربت لهم بلقيس الملكة بسدّ ما بين الجبلين بالصخر والقار ، فحقنت به ماء العيون والأمطار ، وتركت فيه خروقا على مقدار ما يحتاجون إليه في سقيهم ، فلما طغوا قيل : بعث الله إليهم ثلاثة عشر نبيا يدعونهم إلى الله ويذكرونهم نعمته عليهم ، فكذبوهم وقالوا ما نعرف لله نعمة سلط الله على سدّهم الخلد ، (١) فنقبه من أسفله فغرقهم. وقيل : العرم جمع عرمة ، وهي الحجارة المركومة. ويقال للكدس؟؟؟ من الطعام : عرمة ، والمراد : المسناة (٢) التي عقدوها سكرا : وقيل : العرم اسم الوادي : وقيل : العرم المطر الشديد. وقرئ : العرم ، بسكون الراء. وعن الضحاك : كانوا في الفترة التي بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم. وقرئ : أكل ، بالضم والسكون ، وبالتنوين والإضافة. والأكل : الثمر. والخمط : شجر الأراك : وعن أبى عبيدة : كل شجر ذى شوك. وقال الزجاج : كل نبت أخذ طعما من مرارة ، حتى لا يمكن أكله. والأثل : شجر يشبه الطرفاء أعظم منه وأجود عودا. ووجه من نون : أن أصله ذواتي أكل أكل خمط. فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. أو وصف الأكل بالخمط ، كأنه قيل : ذواتي أكل بشع. ومن أضاف وهو أبو عمرو وحده ، فلأن أكل الخمط في معنى البرير ، (٣) كأنه قيل : ذواتي برير. والأثل والسدر : معطوفان على أكل ، لا على خمط لأن الأثل لا أكل له. وقرئ وأثلا. وشيئا : بالنصب ، عطفا على جنتين. وتسمية البدل جنتين ، لأجل المشاكلة وفيه : ضرب من التهكم. وعن الحسن رحمه الله. قال السدر ، لأنه أكرم ما بدلوا. وقرئ : وهل يجازى. وهل نجازى ، بالنون. وهل يجازى والفاعل الله وحده. وهل يجزى ، والمعنى : أن مثل هذا الجزاء لا يستحقه إلا الكافر ، وهو العقاب العاجل ، وقيل : المؤمن تكفر سيئاته بحسناته ، والكافر يحبط عمله فيجازى بجميع ما عمله من السوء ، ووجه آخر : وهو أن الجزاء عام لكل مكافأة ، يستعمل تارة في معنى المعاقبة ، وأخرى في معنى الإثابة ، فلما استعمل في معنى المعاقبة في قوله (جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا) بمعنى : عاقباهم بكفرهم. قيل : (وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ) بمعنى : وهل يعاقب؟ وهو الوجه الصحيح ، وليس لقائل أن يقول : لم قيل : وهل يجازى إلا الكفور ، على اختصاص الكفور بالجزاء ، والجزاء عام للكافر والمؤمن ، لأنه لم يرد الجزاء العام ، وإنما أراد الخاص وهو العقاب ، بل لا يجوز أن يراد العموم وليس بموضعه. ألا ترى أنك لو قلت : جزيناهم بما كفروا ، وهل يجازى إلا الكافر والمؤمن :
__________________
(١) قوله «سلط الله على سدهم الخلد فنقبه» في الصحاح «الخلد» : ضرب من الجرذان أعمى. وفيه «المكدس» بالضم : واحد أكداس الطعام. (ع)
(٢) قوله «والمراد المسناة التي عقدوها» في الصحاح : المسناة : العرم وفيه : العرم المسناة. وفي ذلك دور. (ع)
(٣) قوله «فلأن أكل الخمط في معنى البرير» في الصحاح «البرير» : ثمر الأراك. (ع)