وفي حرف عبد الله وهي قراءة الأعمش : هلا ، وهلا : بقلب الهمزتين هاء. وعن عبد الله : هلا تسجدون بمعنى ألا تسجدون على الخطاب. وفي قراءة أبىّ : ألا تسجدون لله الذي يخرج الخبء من السماء والأرض ويعلم سركم وما تعلنون وسمى المخبوء بالمصدر : وهو النبات والمطر وغيرهما مما خبأه عز وعلا من غيوبه. وقرئ : الخب ، على تخفيف الهمزة بالحذف. والخبا ، على تخفيفها بالقلب ، وهي قراءة ابن مسعود ومالك بن دينار. ووجهها : أن تخرّج على لغة من يقول في الوقف : هذا الخبو ، رأيت الخبا ، ومررت بالخبى. ثم أجرى الوصل مجرى الوقف ، لا على لغة من يقول : الكمأة والحمأة ، لأنها ضعيفة مسترذلة. وقرئ : يخفون ويعلنون ، بالياء والتاء. وقيل : من أحطت إلى العظيم (١) : هو كلام الهدهد. وقيل : كلام رب العزة. وفي إخراج الخبء : أمارة على أنه من كلام الهدهد لهندسته ومعرفته الماء تحت الأرض ، وذلك بإلهام من يخرج الخبء في السماوات والأرض جلت قدرته ولطف علمه ، ولا يكاد تخفى على ذى الفراسة النظار بنور الله مخائل كل مختص بصناعة أو فنّ من العلم في روائه (٢) ومنطقه وشمائله ، ولهذا ورد : ما عمل عبد عملا إلا ألقى الله عليه رداء عمله. فإن قلت : أسجدة التلاوة واجبة في القراءتين جميعا أم في إحداهما؟ قلت ، هي واجبة فيهما جميعا ، لأنّ مواضع السجدة إما أمر بها ، أو مدح لمن أتى بها ، أو ذم لمن تركها ، وإحدى القراءتين أمر بالسجود ، والأخرى ذم للتارك. وقد اتفق أبو حنيفة والشافعي رحمهما الله على أنّ سجدات القرآن أربع عشرة ، وإنما اختلفا في سجدة ص : فهي عند أبى حنيفة سجدة تلاوة. وعند الشافعي : سجدة شكر. وفي سجدتي سورة الحج وما ذكره الزجاج من وجوب السجدة مع التخفيف دون التشديد ، فغير مرجوع إليه. فإن قلت : هل يفرق الواقف بين القراءتين؟ قلت : نعم إذا خفف وقف على (فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ) ثم ابتدأ (أَلَّا يَسْجُدُوا) ، وإن شاء وقف على «ألا يا» ثم ابتدأ «اسجدوا» وإذا شدّد لم يقف إلا على (الْعَرْشِ الْعَظِيمِ). فإن قلت : كيف سوّى الهدهد بين عرش بلقيس وعرش الله في الوصف بالعظم؟ قلت : بين الوصفين بون عظيم ، لأنّ وصف عرشها بالعظم : تعظيم له بالإضافة إلى عروش أبناء جنسها من الملوك. ووصف عرش الله بالعظم : تعظيم له بالنسبة إلى سائر ما خلق من السماوات والأرض. وقرئ : العظيم ، بالرفع.
__________________
ـ وترخيم المضاف إليه : ضرورة حسنها سبق النداء. وعلى : بمعنى مع ، أى : اسلمي ولو كنت بالية ، لأنه إن لم تبق الدار كفتني الآثار. ومنهلا : منصبا ، والجرعاء : مؤنث الأجراع ، وهو الموضع المختلط ترابه بالحصى. والقطر : المطر ، يدعو لها بالخصب.
(١) قوله «وقيل من أحطت إلى العظيم» في اللباب : أن الخلاف في : ألا يسجدوا ـ إلى ـ العظيم ، ومال إليه في التقريب اه من هامش (ع)
(٢) قوله «في روائه» بالضم ، أى : منظره. أفاده الصحاح. (ع)