(حَرَّمَ اللهُ) أى حرّمها. والمعنى : حرّم قتلها. و (إِلَّا بِالْحَقِ) متعلق بهذا القتل المحذوف. أو بلا يقتلون ، ونفى هذه المقبحات العظام على الموصوفين بتلك الخلال العظيمة في الدين ، للتعريض بما كان عليه أعداء المؤمنين من قريش وغيرهم ، كأنه قيل : والذين برأهم الله وطهرهم مما أنتم عليه. والقتل بغير الحق : يدخل فيه الوأد وغيره. وعن ابن مسعود رضى الله عنه قلت : يا رسول الله ، أىّ الذنب أعظم؟ قال : «أن تجعل لله ندّا وهو خلقك» قلت : ثم أىّ؟ قال «أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك» قلت : ثم أى؟ قال «أن تزانى حليلة جارك» (١) فأنزل الله تصديقه. وقرئ : يلق فيه أثاما. وقرئ : يلقى ، بإثبات الألف ، وقد مر مثله. والآثام : جزاء الإثم ، بوزن الوبال والنكال ومعناهما. قال :
جزي الله ابن عروة حيث أمسى |
|
عقوقا والعقوق له أثام (٢) |
وقيل هو الإثم. ومعناه : يلق جزاء أثام. وقرأ ابن مسعود رضى الله عنه : أياما (٣) ، أى شدائد. يقال : يوم ذو أيام : لليوم العصيب. (يُضاعَفْ) بدل من يلق ، لأنهما في معنى واحد ، كقوله :
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا |
|
تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا (٤) |
وقرئ : يضعف ، ونضعف له العذاب ، بالنون ونصب العذاب. وقرئ بالرفع على الاستئناف أو على الحال ، وكذلك (يَخْلُدْ) وقرئ : ويخلد ، على البناء للمفعول مخففا ومثقلا ، من الإخلاد والتخليد. وقرئ : وتخلد ، بالتاء على الالتفات (يُبَدِّلُ) مخفف ومثقل ، وكذلك سيئاتهم. فإن قلت : ما معنى مضاعفة العذاب وإبدال السيئات حسنات؟ قلت : إذا ارتكب المشرك معاصى مع الشرك عذب على الشرك وعلى المعاصي جميعا ، فتضاعف العقوبة لمضاعفة المعاقب عليه. وإبدال السيئات حسنات : أنه يمحوها بالتوبة ، ويثبت مكانها الحسنات : الإيمان ، والطاعة ، والتقوى. وقيل : يبدّلهم بالشرك إيمانا ، وبقتل المسلمين : قتل المشركين ، وبالزنا : عفة وإحصانا.
__________________
(١) متفق عليه من رواية أبى وائل عن عمرو بن شرحبيل عنه.
(٢) العقوق ـ بالفتح ـ : كثير العقوق بالضم ، وهو منع بر الوالدين وقطع صلتهما ، والأثام ـ كالوبال ـ : جزاء الإثم. وقيل : هو الإثم ، فسمي به مسببه وهو الجزاء ، ومفعول جزى الثاني محذوف. وعقوقا خبر أمسى. والعقوق : مبتدأ ، أى : لا بد العقوق من جزاء سيء عظيم.
(٣) قوله «أياما» وفي الصحاح «الأيام» الدخان. (ع)
(٤) تقدم شرح هذا الشاهد بالجزء الأول صفحة ٣٣١ فراجعه إن شئت اه مصححه.