البيتوتة : خلاف الظلول ، وهو أن يدركك الليل ، نمت أو لم تنم ، وقالوا : من قرأ شيئا من القرآن في صلاته وإن قلّ فقد بات ساجدا وقائما. وقيل : هما الركعتان بعد المغرب والركعتان بعد العشاء. والظاهر أنه وصف لهم بإحياء الليل أو بأكثره. يقال : فلان يظل صائما ويبيت قائما.
(وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً (٦٥) إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً)(٦٦)
(غَراماً) هلاكا وخسرانا ملحا لازما قال :
ويوم النّسار ويوم الجفا |
|
ر كانا عذابا وكانا غراما (١) |
وقال :
إن يعاقب يكن غراما |
|
وإن يعط جزيلا فإنّه لا يبالى (٢) |
ومنه : الغريم : لإلحاجه وإلزامه. وصفهم بإحياء الليل ساجدين وقائمين ، ثم عقبه بذكر دعوتهم هذه ، إيذانا بأنهم مع اجتهادهم خائفون مبتهلون إلى الله في صرف العذاب عنهم ، كقوله تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ). (ساءَتْ) في حكم «بئست» وفيها ضمير مبهم يفسره : مستقرّا. والمخصوص بالذم محذوف ، معناه : ساءت مستقرّا ومقاما هي. وهذا الضمير هو الذي ربط الجملة باسم إنّ وجعلها خبرا لها. ويجوز أن يكون (ساءَتْ) بمعنى : أحزنت. وفيها ضمير اسم إنّ. و (مُسْتَقَرًّا) حال أو تمييز ، والتعليلان يصح أن يكونا متداخلين ومترادفين ، وأن يكونا من كلام الله وحكاية لقولهم.
(وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً)(٦٧)
قرئ (يَقْتُرُوا) بكسر التاء وضمها. ويقتروا ، بتخفيف التاء وتشديدها. والقتر والإقتار والتقتير : التضييق الذي هو نقيض الإسراف. والإسراف : مجاوزة الحدّ في النفقة. ووصفهم بالقصد الذي هو بين الغلو والتقصير. وبمثله أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم (وَلا تَجْعَلْ
__________________
(١) لبشر بن أبى حازم. والنسار : ماء لبنى عامر. والجفار : ماء لبنى تميم ينجد ، يقول : واقعة النسار وواقعة الجفار ، كانا عذابا على أهلهما ، وكانا غراما ، أى : هلاكا لازما لهم. وقيل : شرا دائما.
(٢) للأعشى ، يقول : إن يعاقب هذا الممدوح أعداءه يكن غراما أى هلاكا ملازما لهم. وإن يعط السائل عطاء جزيلا عظيما فانه لا يبالى به ولا يكترث به ولا يستكثره ، فهو شجاع جواد.