لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (٩٢) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً)(٩٣)
لما تبين إعجاز القرآن وانضمت إليه المعجزات الأخر والبينات ولزمتهم الحجة وغلبوا ، أخذوا يتعللون باقتراح الآيات : فعل المبهوت المحجوج المتعثر في أذيال الحيرة ، فقالوا : لن نؤمن لك حتى ... وحتى (تَفْجُرَ) تفتح. وقرئ : تفجر ، بالتخفيف (مِنَ الْأَرْضِ) يعنون أرض مكة (يَنْبُوعاً) عينا غزيرة من شأنها أن تنبع بالماء لا تقطع : «يفعول» من نبع الماء ، كيعبوب من عب الماء (كَما زَعَمْتَ) يعنون قول الله تعالى (إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ). قرئ : كسفا ، بسكون السين جمع كسفة ، كسدرة وسدر. وبفتحه (قَبِيلاً) كفيلا بما تقول شاهدا بصحته. والمعنى : أو تأتى بالله قبيلا ، وبالملائكة قبيلا ، كقوله :
... كنت منه ووالدي |
|
بريّا (١) ... |
فإنّى وقيّار بها لغريب (٢) |
أو مقابلا ، كالعشير بمعنى المعاشر ، ونحوه (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا) أو جماعة حالا من الملائكة (مِنْ زُخْرُفٍ) من ذهب (فِي السَّماءِ) في معارج السماء ، فحذف المضاف. يقال : رقى في السلم وفي الدرجة (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ) ولن نؤمن لأجل رقيك (حَتَّى تُنَزِّلَ
__________________
(١) رمانى بأمر كنت منه ووالدي |
|
بريا ومن جول الطوى رمانى |
للفرزدق. يقول : قذفني بأمر أنا بريء منه ووالدي ، فكان : مجردة عن المضي ، وحذف خبر الوالد للدلالة عليه ، والعطف من عطف الجمل. وبريا : في نية التقديم ، فلم يلزم تقدم شيء من المعطوف عليه على المعطوف : هذا رأى الجمهور. وأجاز بعضهم أن «والدي» عطف على اسم كان ، فيكون «بريا» خبره ، وخبر اسمها محذوفا أو بالعكس ، والعطف من عطف المفردات. ويجوز أن «بريا» خبر عنهما ، لأن فعيلا يقال للواحد والمتعدد ، لموازنته المصدر : كصهيل وضجيج ونحيب ونسيب ، وإن كان استعماله كذلك بمعنى فاعل قليلا. وجول الطوى ـ بالضم ـ : جانب البئر المطوى. والمعنى : أنه رمانى بأمر يرجع عليه هو ، كأنه رمانى وهو في أسفل البئر بحجر فيرجع عليه ، كناية عن مكافأته بأمر أعظم مما رماه به. ويجوز أن الأمر الذي رماه به متصف به الرامي ، وهو أنسب بالتشبيه. ويروى ومن أجل الطوى. فليحرر.
(٢) تقدم شرح هذا الشاهد بالجزء الأول ص ٦٢٩ فراجعه إن شئت اه مصححه.