يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(١١)
(لَكُمْ) متعلق بأنزل ، أو بشراب ، خبراً له. والشراب ما يشرب (شَجَرٌ) يعنى الشجر الذي ترعاه المواشي. وفي حديث عكرمة : لا تأكلوا ثمن الشجر فإنه سحت (١). يعنى الكلأ (تُسِيمُونَ) من سامت الماشية إذا رعت ، فهي سائمة ، وأسامها صاحبها ، وهو من السومة وهي العلامة ، لأنها تؤثر بالرعي علامات في الأرض. وقرئ : ينبت ، بالياء والنون. فإن قلت : لم قيل (وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ)؟ قلت : لأنّ كل الثمرات لا تكون إلا في الجنة ، وإنما أنبت في الأرض بعض من كلها للتذكرة (يَتَفَكَّرُونَ) ينظرون فيستدلون بها عليه وعلى قدرته وحكمته. والآية : الدلالة الواضحة. وعن بعضهم : ينبت ، بالتشديد. وقرأ أبىّ بن كعب : ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ، بالرفع.
(وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)(١٢)
قرئت كلها بالنصب على : وجعل النجوم مسخرات. أو على أنّ معنى تسخيرها للناس : تصييرها نافعة لهم ، حيث يسكنون بالليل ، ويبتغون من فضله بالنهار ، ويعلمون عدد السنين والحساب بمسير الشمس والقمر ، ويهتدون بالنجوم. فكأنه قيل : ونفعكم بها في حال كونها مسخرات لما خلقن له بأمره. ويجوز أن يكون المعنى : أنه سخرها أنواعا من التسخير جمع مسخر ، بمعنى تسخير ، من قولك : سخره الله مسخراً ، كقولك : سرحه مسرحاً ، كأنه قيل : وسخرها لكم تسخيرات بأمره. وقرئ بنصب الليل والنهار وحدهما ، ورفع ما بعدهما على الابتداء والخبر. وقرئ : والنجوم مسخرات ، بالرفع. وما قبله بالنصب ، وقال (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) فجمع الآية. وذكر العقل ، لأنّ الآثار العلوية أظهر دلالة على القدرة الباهرة ، وأبين شهادة للكبرياء والعظمة.
(وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ)(١٣)
__________________
(١) أخرجه أبو عبيد في الأحوال عنه موقوفا. وزاد نحوه. وروى عبد الرزاق من طريق وهب بن منبه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اتقوا السحت قالوا : وما السحت؟ قال : بيع الشجر ، وثمن الخمر ، وإجارة الأمة المساحقة.